فصل: مَا يُحَبُّ مِنْ إنْكَاحِ الْعَبِيدِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأم ***


فِي لَبَنِ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَاللَّبَنُ إذَا كَانَ مِنْ حَمْلٍ وَلاَ أَحْسَبُهُ يَكُونُ إلَّا مِنْ حَمْلٍ فَاللَّبَنُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ كَمَا يَكُونُ الْوَلَدُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَانْظُرْ إلَى الْمَرْأَةِ ذَاتِ اللَّبَنِ، فَإِنْ كَانَ لَبَنُهَا نَزَلَ بِوَلَدٍ مِنْ رَجُلٍ نُسِبَ ذَلِكَ الْوَلَدُ إلَى وَالِدٍ لِأَنَّ حَمْلَهُ مِنْ الرَّجُلِ فَإِنْ رَضَعَ بِهِ مَوْلُودٌ فَالْمَوْلُودُ أَوْ الْمُرْضَعُ بِذَلِكَ اللَّبَنِ ابْنُ الرَّجُلِ الَّذِي الِابْنُ ابْنُهُ مِنْ النَّسَبِ كَمَا يَثْبُتُ لِلْمَرْأَةِ وَكَمَا يَثْبُتُ الْوَلَدُ مِنْهُ وَمِنْهَا، وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ الَّذِي أَرْضَعَتْ بِهِ الْمَوْلُودَ لَبَنَ وَلَدٍ لاَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الرَّجُلِ الَّذِي الْحَمْلُ مِنْهُ فَأَسْقَطَ اللَّبَنَ فَلاَ يَكُونُ الْمُرْضَعُ ابْنَ الَّذِي الْحَمْلُ مِنْهُ إذَا سَقَطَ النَّسَبُ الَّذِي هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سَقَطَ اللَّبَنُ الَّذِي أُقِيمَ مَقَامَ النَّسَبِ فِي التَّحْرِيمِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَبِحِكَايَةِ عَائِشَةَ تَحْرِيمَهُ فِي الْقُرْآنِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَإِنْ وَلَدَتْ امْرَأَةٌ حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا اعْتَرَفَ الَّذِي زِنَا بِهَا أَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ فَأَرْضَعَتْ مَوْلُودًا فَهُوَ ابْنُهَا وَلاَ يَكُونُ ابْنُ الَّذِي زَنَى بِهَا وَأَكْرَهُ لَهُ فِي الْوَرَعِ أَنْ يَنْكِحَ بَنَاتِ الَّذِي وُلِدَ لَهُ مِنْ زِنًا كَمَا أَكْرَهُهُ لِلْمَوْلُودِ مِنْ زِنًا وَإِنْ نَكَحَ مِنْ بَنَاتِهِ أَحَدًا لَمْ أَفْسَخْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِهِ فِي حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَهَلْ مِنْ حُجَّةٍ فِيمَا وَصَفْت‏؟‏ قِيلَ نَعَمْ‏:‏ «قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنِ أَمَةَ زَمْعَةَ لِزَمْعَةَ وَأَمَرَ سَوْدَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُ لِمَا رَأَى مِنْهُ مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ فَلَمْ يَرَهَا» وَقَدْ قَضَى أَنَّهُ أَخُوهَا حَتَّى لَقِيَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّ تَرْكَ رُؤْيَتِهَا مُبَاحٌ وَإِنْ كَانَ أَخًا لَهَا وَكَذَلِكَ تَرْكُ رُؤْيَةِ الْمَوْلُودِ مِنْ نِكَاحِ أُخْتِهِ مُبَاحٌ وَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ فَسْخِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِهِ إذَا كَانَ مِنْ زِنًا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ أَنَّ بِكْرًا لَمْ تُمْسَسْ بِنِكَاحٍ وَلاَ غَيْرِهِ أَوْ ثَيِّبًا وَلَمْ يُعْلَمْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَمْلٌ نَزَلَ لَهُمَا لَبَنٌ فَحُلِبَ فَخَرَجَ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتَا بِهِ مَوْلُودًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ كَانَ ابْنَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلاَ أَبَ لَهُ وَكَانَ فِي غَيْرِ مَعْنَى وَلَدِ الزِّنَا وَإِنْ كَانَتْ لَهُ أُمٌّ وَلاَ أَبَ لَهُ لِأَنَّ لَبَنَهُ الَّذِي أُرْضِعَ بِهِ لَمْ يَنْزِلْ مِنْ جِمَاعٍ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً أَرْضَعَتْ وَلاَ يُعْرَفُ لَهَا زَوْجٌ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ نَكَحَهَا صَحِيحًا وَأَقَرَّ بِوَلَدِهَا وَأَقَرَّتْ لَهُ بِالنِّكَاحِ فَهُوَ ابْنُهَا كَمَا يَكُونُ الْوَلَدُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً نَكَحَتْ نِكَاحًا فَاسِدًا فَوَلَدَتْ مِنْ ذَلِكَ النِّكَاحِ وَلَدًا وَكَانَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ أَوْ بِغَيْرِ شُهُودٍ عُدُولٍ أَوْ أَيَّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مَا كَانَ مَا خَلاَ أَنْ تَنْكِحَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجٍ يَلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ أَوْ حَمَلَتْ فَنَزَلَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ مَوْلُودًا كَانَ ابْنَ الرَّجُلِ النَّاكِحِ نِكَاحًا فَاسِدًا وَالْمَرْأَةِ الْمُرْضِعِ كَمَا يَكُونُ الْحَمْلُ ابْنَ النَّاكِحِ نِكَاحًا صَحِيحًا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ طَلاَقِهِ رَجُلاً وَدَخَلَ بِهَا فِي عِدَّتِهَا فَأَصَابَهَا فَجَاءَتْ بِحَمْلٍ فَنَزَلَ لَهَا لَبَنٌ أَوْ وَلَدَتْ فَأَرْضَعَتْ بِذَلِكَ اللَّبَنِ مَوْلُودًا كَانَ ابْنَهَا وَكَانَ أَشْبَهَ عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا فِي الرَّجُلَيْنِ مَعًا حَتَّى يَرَى ابْنَهَا الْقَافَةُ فَأَيَّ الرَّجُلَيْنِ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ لَحِقَ الْوَلَدُ وَكَانَ الْمُرْضَعُ ابْنَ الَّذِي يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ أُبُوَّةُ الَّذِي سَقَطَ عَنْهُ نَسَبُ الْوَلَدِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَ حَمْلُ الْمَرْأَةِ سِقْطًا لَمْ يَبِنْ خَلْقُهُ أَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ الْقَافَةُ فَأَرْضَعَتْ مَوْلُودًا لَمْ يَكُنْ الْمَوْلُودُ الْمُرْضَعُ ابْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ الْآخَرِ فِي الْحُكْمِ كَمَا لاَ يَكُونُ الْمَوْلُودُ ابْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ الْآخَرِ فِي الْحُكْمِ، وَالْوَرَعُ أَنْ لاَ يَنْكِحَ ابْنَةَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَنْ لاَ يَرَى وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَنَاتِهِ حَسْرًا وَلاَ الْمُرْضِعَةَ إنْ كَانَتْ جَارِيَةً وَلاَ يَكُونُ مَعَ هَذَا مَحْرَمًا لَهُنَّ يَخْلُو أَوْ يُسَافِرُ بِهِنَّ وَلَوْ كَانَ الْمَوْلُودُ عَاشَ حَتَّى تَرَاهُ الْقَافَةُ فَقَالُوا هُوَ ابْنُهُمَا مَعًا فَأَمْرُ الْمَوْلُودِ مَوْقُوفٌ فَيَنْتَسِبُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا انْقَطَعَ عَنْهُ أُبُوَّةُ الَّذِي تَرَكَ الِانْتِسَابَ إلَيْهِ، وَلاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الِانْتِسَابَ إلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ يُجْبَرُ أَنْ يَنْتَسِبَ إلَى أَحَدِهِمَا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَسِبَ أَوْ بَلَغَ مَعْتُوهًا لَمْ يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَمُوتَ وَلَهُ وَلَدٌ فَيَقُومُ وَلَدُهُ مَقَامَهُ فِي أَنْ يَنْتَسِبُوا إلَى أَحَدِهِمَا أَوْ لاَ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ مَوْقُوفًا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَهَذَا مَوْضِعٌ فِيهِ قَوْلاَنِ‏:‏ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرْضِعَ مُخَالِفٌ لِلِابْنِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلِابْنِ عَلَى الْأَبِ وَلِلْأَبِ عَلَى الِابْنِ حُقُوقُ الْمِيرَاثِ وَالْعَقْلُ وَالْوِلاَيَةُ لِلدَّمِ وَنِكَاحُ الْبَنَاتِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَنِينَ وَلاَ يَثْبُتُ لِلْمُرْضِعِ عَلَى ابْنِهِ الَّذِي أَرْضَعَهُ وَلاَ لِابْنِهِ الَّذِي أَرْضَعَهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَعَلَّ الْعِلَّةَ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُمَا مَعًا لِهَذَا السَّبَبِ، فَمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ جَعَلَ الْمُرْضِعَ ابْنَهُمَا مَعًا وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْخِيَارَ فِي أَنْ يَكُونَ ابْنَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَقَالَ ذَلِكَ فِي الْمَسَائِلِ قَبْلَهُ الَّتِي فِي مَعْنَاهَا‏.‏

وَالْقَوْلُ الثَّانِي‏:‏ أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْوَلَدِ فَأَيُّهُمَا اخْتَارَ الْوَلَدُ أَنْ يَكُونَ أَبَاهُ فَهُوَ أَبُوهُ وَأَبُو الْمُرْضَعِ وَلاَ يَكُونُ لِلْمُرْضِعِ أَنْ يَخْتَارَ غَيْرَ الَّذِي اخْتَارَ الْمَوْلُودُ لِأَنَّ الرَّضَاعَ تَبَعٌ لِلنَّسَبِ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلُودُ وَلَمْ يَخْتَرْ كَانَ لِلْمُرْضِعِ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَيَكُونَ أَبَاهُ وَيَنْقَطِعَ عَنْهُ أُبُوَّةُ الْآخَرِ وَالْوَرَعُ أَنْ لاَ يَنْكِحَ بَنَاتِ الْآخَرِ وَلاَ يَكُونُ لَهُنَّ مَحْرَمًا يَرَاهُنَّ بِانْقِطَاعِ أُبُوَّتِهِ عَنْهُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِذَا أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلاً بِلَبَنِ وَلَدٍ فَانْتَفَى أَبُو الْمَوْلُودِ مِنْهُ فَلاَعَنَهَا فَنُفِيَ عَنْهُ نَسَبُهُ لَمْ يَكُنْ أَبًا لِلْمُرْضَعِ فَإِنْ رَجَعَ الْأَبُ يَنْسُبُهُ إلَيْهِ ضُرِبَ الْحَدُّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَرَجَعَ إلَيْهِ أَنْ يَكُونَ أَبَا الْمُرْضَعِ مِنْ الرَّضَاعَةِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ تُرْضِعُ وَكَانَتْ تَحِيضُ فِي رَضَاعِهَا ذَلِكَ ثَلاَثَ حَيْضٍ وَلَبَنُهَا دَائِمٌ أَرْضَعَتْ مَوْلُودًا فَالْمَوْلُودُ ابْنُهَا وَابْنُ الزَّوْجِ الَّذِي طَلَّقَ أَوْ مَاتَ وَاللَّبَنُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ لَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ زَوْجًا بَعْدَ انْقِطَاعِ لَبَنِهَا أَوْ قَبْلَهُ ثُمَّ انْقَطَعَ لَبَنُهَا وَأَصَابَهَا الزَّوْجُ فَثَابَ لَبَنُهَا وَلَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ فَاللَّبَنُ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَمَنْ أَرْضَعَتْ فَهُوَ ابْنُهَا وَابْنُ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلاَ يَكُونُ ابْنَ الْآخَرِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ أَحْبَلَهَا الزَّوْجُ الْآخَرُ بَعْدَ انْقِطَاعِ لَبَنِهَا مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَثَابَ لَبَنُهَا سُئِلَ النِّسَاءُ عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي يَثُوبُ فِيهِ اللَّبَنُ وَيَبِينُ الْحَمْلُ فَإِنْ قُلْنَ الْحَمْلُ لَوْ كَانَ مِنْ امْرَأَةٍ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ وَلَمْ تَلِدْ قَطُّ أَوْ امْرَأَةٍ قَدْ وَلَدَتْ لَمْ يَأْتِ لَهَا لَبَنٌ فِي هَذَا الْوَقْتِ إنَّمَا يَأْتِي لَبَنُهَا فِي الثَّامِنِ مِنْ شُهُورِهَا أَوْ التَّاسِعِ فَاللَّبَنُ لِلْأَوَّلِ فَإِنْ دَامَ فَهُوَ ابْنٌ لِلْأَوَّلِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَبْلُغَ الْوَقْتُ الَّذِي يَكُونُ لَهَا فِيهِ لَبَنٌ مِنْ حَمْلِهَا الْآخَرِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِذَا ثَابَ لَهَا اللَّبَنُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ لَهَا فِيهِ لَبَنٌ مِنْ حَمْلِهَا الْآخَرِ كَانَ اللَّبَنُ مِنْ الْأَوَّلِ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ لَبَنِ الْأَوَّلِ وَفِي شَكٍّ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَلَطَهُ لَبَنُ الْآخَرِ فَلاَ أُحَرِّمُ بِالشَّكِّ شَيْئًا وَأُحِبُّ لَهُ أَنْ يَتَوَقَّى فِي بَنَاتِ الزَّوْجِ الْآخَرِ فِي هَذَا الْوَقْتِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ شَكَّ رَجُلٌ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ أَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ قُلْت‏:‏ الْوَرَعُ أَنْ يَكُفَّ عَنْ رُؤْيَتِهَا حَاسِرًا وَلاَ يَكُونُ مَحْرَمًا لَهَا بِالشَّكِّ، وَلَوْ نَكَحَهَا أَوْ أَحَدًا مِنْ بَنَاتِهَا لَمْ أَفْسَخْ النِّكَاحَ لِأَنِّي عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ مِنْ أَنَّهَا أُمٌّ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَ لَبَنُهَا انْقَطَعَ فَلَمْ يَثِبْ حَتَّى كَانَ هَذَا الْحَمْلُ الْآخَرُ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ أَنْ يَثُوبَ فِيهِ اللَّبَنُ مِنْ الْآخَرِ فَفِيهَا قَوْلاَنِ‏:‏

أَحَدُهُمَا‏:‏ أَنَّ اللَّبَنَ بِكُلِّ حَالٍ مِنْ الْأَوَّلِ وَإِنْ ثَابَ بِتَحْرِيكِ نُطْفَةِ الْآخَرِ فَهُوَ كَمَا يَثُوبُ بِأَنْ تَرْحَمَ الْمَوْلُودَ فَتُدِرَّ عَلَيْهِ وَتَشْرَبَ الدَّوَاءَ أَوْ تَأْكُلَ الطَّعَامَ الَّذِي يَزِيدُ فِي اللَّبَنِ فَتُدِرَّ عَلَيْهِ‏.‏

وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ انْقِطَاعًا بَيِّنًا ثُمَّ ثَابَ فَهُوَ مِنْ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ لاَ يَثُوبُ بِحَالٍ مِنْ الْآخَرِ لَبَنٌ تُرْضِعُ بِهِ حَتَّى تَلِدَ أُمَّهُ فَهُوَ مِنْ الْأَوَّلِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ وَإِنْ كَانَ لاَ يَثُوبُ شَيْءٌ تُرْضِعُ بِهِ وَإِنْ قَلَّ فَهُوَ مِنْهُمَا مَعًا فَمَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اللَّبَنِ وَالْوَلَدِ قَالَ هُوَ لِلْأَوَّلِ أَبَدًا لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ ابْنٌ لِآخَرَ إذَا كَانَ ابْنَ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَالَ هُوَ مِنْهُمَا مَعًا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِنْ طَلُقَتْ امْرَأَةٌ فَلَمْ يَنْقَطِعْ لَبَنُهَا وَكَانَتْ تَحِيضُ وَهِيَ تُرْضِعُ فَحَاضَتْ ثَلاَثَ حَيْضٍ وَنَكَحَتْ زَوْجًا فَدَخَلَ بِهَا فَأَصَابَهَا فَحَمَلَتْ فَلَمْ يَنْقَطِعْ اللَّبَنُ حَتَّى وَلَدَتْ فَالْوِلاَدُ قَطَعَ اللَّبَنَ الْأَوَّلَ وَمَنْ أَرْضَعَتْهُ فَهُوَ ابْنُهَا وَابْنُ الزَّوْجِ الْآخَرِ لاَ يَحِلُّ لَهُ أَحَدٌ وَلَدَتْهُ وَلاَ وَلَدَهُ الزَّوْجُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ أَبُوهُ وَيَحِلُّ لَهُ وَلَدُ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَبِيهِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيًّا أَرْبَعَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ حُلِبَ مِنْهَا لَبَنٌ ثُمَّ مَاتَتْ فَأُوجِرَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَ مَوْتِهَا كَانَ ابْنَهَا كَمَا يَكُونُ ابْنَهَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ خَمْسًا فِي الْحَيَاةِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ رَضَعَهَا الْخَامِسَةَ بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ حُلِبَ لَهُ مِنْهَا لَبَنٌ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأُوجِرَهُ لَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ لِلْمَيِّتِ فِعْلٌ لَهُ حُكْمٌ بِحَالٍ وَلَوْ كَانَتْ نَائِمَةً فَحُلِبَتْ فَأُوجِرَهُ صَبِيٌّ حَرُمَ لِأَنَّ لَبَنَ الْحَيَّةِ يَحِلُّ وَلاَ يَحِلُّ لَبَنُ الْمَيْتَةِ وَأَنَّ الْحَيَّةَ النَّائِمَةَ يَكُونُ لَهَا جِنَايَةٌ بِأَنْ تَنْقَلِبَ عَلَى إنْسَانٍ أَوْ تَسْقُطَ عَلَيْهِ فَتَقْتُلَهُ فَيَكُونَ فِيهِ الْعَقْلُ وَلَوْ تَعَقَّلَ إنْسَانٌ بِمَيِّتَةٍ أَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ فَقَتَلَتْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَقْلٌ لِأَنَّهَا لاَ جِنَايَةَ لَهَا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَتْ لَمْ تُكْمِلْ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَحُلِبَ لَهَا لَبَنٌ كَثِيرٌ فَقَطَعَ ذَلِكَ اللَّبَنَ فَأُوجِرَهُ صَبِيٌّ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا حَتَّى يُتِمَّ خَمْسَ رَضَعَاتٍ لَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّهُ لَبَنٌ وَاحِدٌ وَلاَ يَكُونُ إلَّا رَضْعَةً وَاحِدَةً وَلَيْسَ كَاللَّبَنِ يَحْدُثُ فِي الثَّدْيِ كُلَّمَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ حَدَثَ غَيْرُهُ فَيُفَرَّقُ فِيهِ الرَّضَاعُ حَتَّى يَكُونَ خَمْسًا قَالَ الرَّبِيعُ وَفِي قَوْلٍ آخَرَ أَنَّهُ إذَا حُلِبَ مِنْهَا لَبَنٌ فَأُرْضِعَ بِهِ الصَّبِيُّ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَكُلُّ مَرَّةٍ تُحْسَبُ رَضْعَةً إذَا كَانَ بَيْنَ كُلِّ رَضْعَتَيْنِ قَطْعٌ بَيِّنٌ فَهُوَ مِثْلُ الْغِذَاءِ إذَا تَغَذَّى بِهِ ثُمَّ قَطَعَ الْغِذَاءَ الْبَيِّنَ وَإِنْ كَانَ ثُمَّ عَادَ لَهُ كَانَ أَكْلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ إذَا قُطِعَ عَنْ الصَّبِيِّ الرَّضَاعُ الْقَطْعَ الْبَيِّنَ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ وَاحِدًا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ صَبِيَّةً ثُمَّ أَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ أَوْ أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ ابْنَتُهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ امْرَأَةُ ابْنِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ بِلَبَنِ ابْنِهِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الصَّبِيَّةُ أَبَدًا وَكَانَ لَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَرَجَعَ عَلَى الَّتِي أَرْضَعَتْهَا بِنِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِهَا تَعَمَّدَتْ إفْسَادَ النِّكَاحِ أَوْ لَمْ تَتَعَمَّدْهُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَفْسَدَ شَيْئًا ضَمِنَ قِيمَةَ مَا أَفْسَدَ تَعَمَّدَ الْفَسَادَ أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ وَقِيمَتُهُ نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَتْ مِنْهَا مِمَّا يَلْزَمُ زَوْجَهَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَا أَصْدَقَهَا أَوْ أَقَلَّ إنْ كَانَ أَصْدَقَهَا شَيْئًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا كَانَ وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُسَمِّيَ لَهَا شَيْئًا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أُلْزِمَهُ مَهْرَهَا كُلَّهُ أَنَّ الْفُرْقَةَ إذَا وَقَعَتْ بِإِرْضَاعِهَا فَفَسَادُ نِكَاحِهَا غَيْرُ جِنَايَةٍ إلَّا بِمَعْنَى إفْسَادِ النِّكَاحِ وَإِفْسَادِ النِّكَاحِ كَانَ بِالرَّضَاعِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ نِكَاحِهِ جَائِزًا لَهَا وَبَعْدَ نِكَاحِهِ إلَّا بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ فَسَادًا عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فَسَادًا عَلَيْهِ أَلْزَمْتهَا مَا كَانَ لاَزِمًا لِلزَّوْجِ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ وَذَلِكَ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أُلْزِمَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ الَّذِي لَزِمَهُ بِتَسْمِيَتِهِ أَنَّهُ شَيْءٌ حَابَى بِهِ فِي مَالِهِ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ لَهُ إذَا أَفْسَدَ عَلَيْهِ ثَمَنَ مَا اسْتَهْلَكَ عَلَيْهِ مِمَّا لَزِمَهُ وَلاَ أَزِيدُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ شَيْئًا عَلَى مَا لَزِمَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَةٍ اسْتَهْلَكَهَا وَقِيمَتُهَا خَمْسُونَ لَمْ يَغْرَمْ مِائَةً‏.‏

وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أُغَرِّمَهَا الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ مَا سَمَّى لَهَا أَنَّ أَبَاهَا لَوْ حَابَاهُ فِي صَدَاقِهَا كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا فَلَمْ أُغَرِّمْهَا إلَّا مَا يَلْزَمُهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ إنْ كَانَ قِيمَةُ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِمَّا أَصْدَقَهَا وَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ أَنْ أُسْقِطَ عَنْهَا الْغُرْمَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا صَدَاقًا أَنَّهُ كَانَ حَقًّا لَهَا عَلَيْهِ مِثْلَ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ طَلَّقَهَا وَلِأَنِّي لاَ أُجِيزَ لِأَبِيهَا الْمُحَابَاةَ فِي صَدَاقِهَا فَإِنَّمَا أَغْرَمْتهَا مَا لَزِمَهُ بِكُلِّ حَالٍ وَأَبْطَلْت عَنْهَا مُحَابَاتَهُ كَهِبَتِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ الْمُتْعَةُ إذَا طَلُقَتْ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا إذَا كَانَتْ تَمْلِكُ مَالَهَا كَمَا يَكُونُ الْعَفْوُ لَهَا فَأَمَّا الصَّبِيَّةُ فَلاَ تَمْلِكُ مَالَهَا وَلاَ يَكُونُ لِأَبِيهَا الْمُحَابَاةُ فِي مَالِهَا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يُصِبْهَا حَتَّى تَزَوَّجَ عَلَيْهَا صَبِيَّةً تُرْضَعُ فَأَرْضَعَتْهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ الْأُمُّ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَلاَ نِصْفَ مَهْرٍ وَلاَ مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهَا أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا وَيَفْسُدُ نِكَاحُ الصَّبِيَّةِ بِلاَ طَلاَقٍ لِأَنَّهَا صَارَتْ فِي مِلْكِهِ وَأُمُّهَا مَعَهَا وَلِأَنَّ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّهَا وَهَذِهِ ابْنَتُهَا إلَّا فِي وَقْتٍ فَكَانَتَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَمَنْ ابْتَدَأَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَابْنَتَهَا فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ فَيَرْجِعُ عَلَى امْرَأَتِهِ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَ نَكَحَ صَبِيَّتَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَتُهُ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ جَمِيعًا مَعًا فَسَدَ نِكَاحُ الْأُمِّ كَمَا وَصَفْت وَنِكَاحُ الصَّبِيَّتَيْنِ مَعًا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ الَّذِي سَمَّى لَهَا وَيَرْجِعُ عَلَى امْرَأَتِهِ بِمِثْلِ نِصْفِ مَهْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَتَحِلُّ لَهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ لِأَنَّهُمَا ابْنَتَا امْرَأَةٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَوْ كَانَتْ لَهُ ثَلاَثُ زَوْجَاتٍ صَبَايَا فَأَرْضَعَتْ اثْنَتَيْنِ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ مَعًا ثُمَّ أَزَالَتْ الْوَاحِدَةُ فَأَرْضَعَتْ الثَّالِثَةَ لَمْ تَحْرُمْ الثَّالِثَةُ وَحُرِّمَتْ الِاثْنَتَانِ اللَّتَانِ أُرْضِعَتَا الْخَامِسَةَ مَعًا لِأَنَّ الثَّالِثَةَ لَمْ تَرْضَعْ إلَّا بَعْدَمَا حُرِّمَتْ هَاتَانِ وَحُرِّمَتْ الْأُمُّ عَلَيْهِ فَكَانَتْ الثَّالِثَةُ غَيْرَ أُخْتٍ لِلْمَرْأَتَيْنِ إلَّا بَعْدَ مَا حُرِّمَتَا عَلَيْهِ وَغَيْرَ مُرْضَعَةٍ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ مِنْ الْأُمِّ إلَّا بَعْدَمَا بَانَتْ الْأُمُّ مِنْهُ وَلَوْ أَرْضَعَتْ إحْدَاهُنَّ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ‏.‏ ثُمَّ أَرْضَعَتْ الْأُخْرَيَيْنِ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ سَاعَةَ أَرْضَعَتْ الْأُولَى الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَالْمُرْضَعَتَانِ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ مَعًا لِلْأُمِّ وَلَمْ تَكُنْ أُمًّا إلَّا وَالِابْنَةُ مَعْقُودٌ عَلَيْهَا نِكَاحُ الرَّجُلِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَالِاثْنَتَانِ أُخْتَانِ فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا مَعًا وَحُرِّمَتْ الِاثْنَتَانِ بَعْدَ حِينِ صَارَتَا أُخْتَيْنِ مَعًا وَيَخْطُبُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَإِنْ أَرْضَعَتْ الْأُخْرَيَيْنِ بَعْدَ مُتَفَرِّقَيْنِ لَمْ تَحْرُمَا عَلَيْهِ مَعًا لِأَنَّهَا لَمْ تُرْضِعْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا إلَّا بَعْدَمَا بَانَتْ مِنْهُ هِيَ وَالْأُولَى وَلَكِنْ ثَبَتَتْ عُقْدَةُ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا بَعْدَ مَا بَانَتْ الْأُولَى وَيَسْقُطُ نِكَاحُ الَّتِي أُرْضِعَتْ بَعْدَهَا لِأَنَّهَا أُخْتُ امْرَأَتِهِ فَكَانَتْ كَامْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى أُخْتِهَا قَالَ الرَّبِيعُ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهَا إذَا أَرْضَعَتْ الرَّابِعَةَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَقَدْ أَكْمَلَتْ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَبِهِنَّ حَرُمَتْ الرَّابِعَةُ فَكَأَنَّهُ جَامِعٌ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَيَنْفَسِخَن مَعًا وَيَتَزَوَّجُ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ أَرْضَعَتْ وَاحِدَةً خَمْسَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ أَرْضَعَتْ الْأُخْرَيَيْنِ خَمْسًا مَعًا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ بِكُلِّ حَالٍ وَانْفَسَخَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْبِنْتِ الْأُولَى مَعَ الْأُمِّ وَحُرِّمَتْ الْأُخْرَيَانِ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ فِي وَقْتٍ مَعًا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كُنَّ ثَلاَثًا صِغَارًا وَوَاحِدَةً لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَهَا بَنَاتٌ مَرَاضِعُ فَأَرْضَعَتْ الْبَنَاتِ الصِّغَارِ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى فَسَدَ نِكَاحُ الْأُمِّ وَلَمْ يَحِلَّ بِحَالٍ وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الَّتِي أَكْمَلَتْ أَوَّلاً خَمْسَ رَضَعَاتٍ لِأَيِّ نِسَائِهِ أَكْمَلَتْ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِ أُمِّهَا فَإِنْ كُنَّ أَكْمَلْنَ إرْضَاعَهُنَّ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ مَعًا وَيَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِنِصْفِ مَهْرِ الَّتِي أَرْضَعَتْ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَأَكْمَلَتْ رَضَاعَهَا خَمْسًا قَبْلَ تَبَيُّنِ فَسْخِ نِكَاحِ الَّتِي أَكْمَلَتْ رَضَاعَهَا أَوَّلاً وَلاَ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الَّتِي أَكْمَلَتْ رَضَاعَهَا بَعْدَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَعْ حَتَّى بَانَتْ أُمُّهَا وَأُخْتُهَا مِنْهُ ثُمَّ يُفْسَخُ نِكَاحُ الَّتِي أَكْمَلَتْ رَضَاعَهَا بَعْدَهَا، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَ امْرَأَةٍ لَهُ ثَابِتَةَ النِّكَاحِ فَكَانَتْ كَالْأُخْتِ الْمَنْكُوحَةِ عَلَى أُخْتِهَا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَكَذَلِكَ بَنَاتُهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ وَبَنَاتُ بَنَاتِهَا كُلُّهُنَّ يَحْرُمُ مِنْ رَضَاعِهِنَّ كَمَا يَحْرُمُ مِنْ رَضَاعِهَا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ وَكَانَتْ أَرْضَعَتْهُنَّ أَوْ أَرَضَعَهُنَّ وَلَدُهَا كَانَ لَهَا الْمَهْرُ بِالْمَسِيسِ وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا وَأَرْضَعَهَا وَلَدُهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ أَرْضَعَتْ الِاثْنَيْنِ مَعًا أَوْ أَرْضَعَتْهُنَّ ثَلاَثَتُهُنَّ مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقَاتٍ يَفْسُدُ نِكَاحُهُنَّ عَلَى الْأَبَدِ لِأَنَّهُنَّ بَنَاتُ امْرَأَةٍ فَدَخَلَ بِهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْهُ تِلْكَ الْمَرْأَةُ وَوَلَدُهَا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِامْرَأَتِهِ فَأَرْضَعَتْهُنَّ أُمُّ امْرَأَتِهِ أَوْ جَدَّتُهَا أَوْ أُخْتُهَا أَوْ بِنْتُ أُخْتِهَا كَانَ الْقَوْلُ كَالْقَوْلِ فِي بَنَاتِهَا إذَا أَرْضَعَتْهُنَّ وَلَمْ تُرْضِعْ هِيَ يَفْسُدُ نِكَاحُهَا وَيَكُونُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الَّتِي أَكْمَلَتْ أَوَّلاً مِنْ نِسَائِهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ لِأَنَّهَا صَيَّرَتْهَا أُمَّ امْرَأَتِهِ فَيَفْسُدُ نِكَاحُ الَّتِي أَرْضَعَتْ أَوَّلاً وَامْرَأَتُهُ الْكَبِيرَةُ مَعًا وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِ الَّتِي فَسَدَ نِكَاحُهَا وَإِنْ أَرْضَعْنَ مَعًا فَسَدَ نِكَاحُهُنَّ كُلِّهِنَّ وَيَرْجِعُ بِأَنْصَافِ مُهُورِهِنَّ وَلاَ تُخَالِفُ الْمَسْأَلَةُ قَبْلَهَا إلَّا فِي خَصْلَةٍ أَنَّ زَوْجَاتِهِ الصِّغَارَ لاَ يَحْرُمْنَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ وَلَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَ أَيَّتَهُنَّ شَاءَ عَلَى الِانْفِرَادِ لِأَنَّ الَّذِي حَرُمْنَ بِهِ أَوْ حَرُمَ مِنْهُنَّ إنَّمَا كُنَّ أَخَوَاتِ امْرَأَتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ بَنَاتِ أُخْتِهَا أَوْ أُخْتَهَا فَحَرُمَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُنَّ وَلاَ يَحْرُمْنَ عَلَى الِانْفِرَادِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِهَا حَرُمَ نِكَاحُ مَنْ أَرْضَعَتْهُ أُمَّهَاتُهَا بِكُلِّ حَالٍ وَلَمْ يَحْرُمْ نِكَاحُ مَنْ أَرْضَعَتْهُ أَخَوَاتُهَا وَبَنَاتُ أُخْتِهَا بِكُلِّ حَالٍ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ اللَّاتِي أَرْضَعَتْهُ أَخَوَاتُهَا إنْ شَاءَ عَلَى الِانْفِرَادِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْأُولَى مِنْهُنَّ وَامْرَأَتُهُ مَعًا وَلاَ يَفْسُدُ نِكَاحُ اللَّاتِي بَعْدَهَا لِأَنَّهُنَّ أُرْضِعْنَ بَعْدَمَا بَانَتْ امْرَأَتُهُ فَلَمْ يَكُنْ جَامِعًا بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ عَمَّةٍ لَهُنَّ وَلاَ خَالَةَ إلَّا أَنْ تُرْضِعَ مِنْهُنَّ امْرَأَةً وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ مَعًا فَيَفْسُدَ نِكَاحُهُمَا بِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِذَا أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ امْرَأَتَهُ الصَّغِيرَةَ لَمْ يَفْسُدْ نِكَاحُ امْرَأَتِهِ وَحُرِّمَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ عَلَيْهِ أَبَدًا لِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَحُرِّمَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ بَنَاتِهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ الَّتِي أَرْضَعَتْ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ صَبِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا عَمَّتَهَا وَأَصَابَ الْعَمَّةَ فَرَّقْت بَيْنَهُمَا وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فَإِنْ أَرْضَعَتْ أُمُّ الْعَمَّةِ الصَّبِيَّةَ لَمْ أُفَرِّقْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّبِيَّةِ وَالْعَمَّةُ ذَاتُ مَحْرَمٍ لَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ وَبَعْدَهُ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَأَمَّا إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى فَلاَ يَحْرُمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

باب الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِمَّنْ يَنْسِبُهُ الْعَامَّةُ إلَى الْعِلْمِ مُخَالِفًا فِي أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ تَجُوزُ فِيمَا لاَ يَحِلُّ لِلرِّجَالِ غَيْرِ ذَوِي الْمَحَارِمِ أَنْ يَتَعَمَّدُوا أَنْ يَرَوْهُ لِغَيْرِ شَهَادَةٍ وَقَالُوا ذَلِكَ فِي وِلاَدَةِ الْمَرْأَةِ وَعَيْبِهَا الَّذِي تَحْتَ ثِيَابِهَا وَالرَّضَاعَةُ عِنْدِي مِثْلُهُ لاَ يَحِلُّ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَنْ يَعْمِدَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى ثَدْيِهَا وَلاَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى رَضَاعِهَا بِغَيْرِ رُؤْيَةِ ثَدْيِهَا لِأَنَّهُ لَوْ رَأَى صَبِيًّا يَرْضَعُ وَثَدْيُهَا مُغَطًّى أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ يَرْضَعُ مِنْ وَطْبٍ عُمِلَ كَخِلْقَةِ الثَّدْيِ وَلَهُ طَرَفٌ كَطَرَفِ الثَّدْيِ ثُمَّ أُدْخِلَ فِي كُمِّهَا فَتَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الرَّضَاعِ كَمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِي الْوِلاَدَةِ، وَلَوْ رَأَى ذَلِكَ رَجُلاَنِ عَدْلاَنِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ فِي ذَلِكَ وَلاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَنْفَرِدْنَ فِيهِ إلَّا بِأَنْ يَكُنَّ حَرَائِرَ عُدُولاً بَوَالِغ وَيَكُنَّ أَرْبَعًا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إذَا أَجَازَ شَهَادَتَهُنَّ فِي الدَّيْنِ جَعَلَ امْرَأَتَيْنِ تَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، وَقَوْلُ أَكْثَرَ مَنْ لَقِيت مِنْ أَهْلِ الْفُتْيَا إنَّ شَهَادَةَ الرَّجُلَيْنِ تَامَّةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَا عَدَا الزِّنَا فَامْرَأَتَانِ أَبَدًا تَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ إذَا جَازَتَا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ لاَ يَجُوزُ مِنْ النِّسَاءِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعٍ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَنَّ امْرَأَةً أَرْضَعَتْ امْرَأَةً خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَأَرْضَعَتْ زَوْجَهَا خَمْسًا أَوْ أَقَرَّ زَوْجُهَا بِأَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ خَمْسًا فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا فَلاَ نِصْفُ مَهْرٍ لَهَا وَلاَ مُتْعَةَ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي النِّسْوَةِ أَخَوَاتُ الْمَرْأَةِ وَعَمَّاتُهَا وَخَالاَتُهَا لِأَنَّهَا لاَ يُرَدُّ لَهَا إلَّا شَهَادَةُ وَلَدٍ أَوْ وَالِدٍ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُنْكِرُ الرَّضَاعَ فَكَانَتْ فِيهِنَّ ابْنَتُهَا وَأُمُّهَا جُزْنَ عَلَيْهَا أَنْكَرَهُ الزَّوْجُ أَوْ ادَّعَاهُ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُنْكِرُ الرَّضَاعَ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ أَوْ لاَ يُنْكِرُ فَلاَ يَجُوزُ فِيهِ أُمُّهَا وَلاَ أُمَّهَاتُهَا وَلاَ ابْنَتُهَا وَلاَ بَنَاتُهَا وَسَوَاءٌ هَذَا قَبْلَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ وَبَعْدَ عُقْدَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ لاَ يَخْتَلِفُ لاَ يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجِ إلَّا بِشَهَادَةِ أَرْبَعٍ مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ لَيْسَ فِيهِنَّ عَدُوٌّ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَيَجُوزُ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ الَّتِي أَرْضَعَتْ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَلاَ عَلَيْهَا شَيْءٌ تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهَا وَكَذَلِكَ تَجُوزُ شَهَادَةُ وَلَدِهَا وَأُمَّهَاتِهَا وَيُوقَفْنَ حَتَّى يَشْهَدْنَ أَنْ قَدْ أُرْضِعَ الْمَوْلُودُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ تَخَلَّصَ كُلُّهُنَّ إلَى جَوْفِهِ أَوْ يَخْلُصُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ وَتَسَعُهُنَّ الشَّهَادَةُ عَلَى هَذِهِ لِأَنَّهُ لاَ يُسْتَدْرَكُ فِي الشَّهَادَةِ فِيهِ أَبَدًا أَكْثَرُ مِنْ رُؤْيَتِهِنَّ الرَّضَاعَ وَعِلْمِهِنَّ وُصُولَهُ بِمَا يَرَيْنَ مِنْ ظَاهِرِ الرَّضَاعِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِذَا أُرْضَعَ الصَّبِيُّ ثُمَّ قَاءَ فَهُوَ كَرَضَاعِهِ وَاسْتِمْسَاكِهِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِذَا لَمْ تَكْمُلْ فِي الرَّضَاعِ شَهَادَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَحْبَبْت لَهُ فِرَاقَهَا إنْ كَانَ نَكَحَهَا وَتَرَكَ نِكَاحِهَا، إنْ لَمْ يَكُنْ نَكَحَهَا لِلْوَرَعِ فَإِنَّهُ إنْ يَدَعَ مَا لَهُ نِكَاحُهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَنْكِحَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ نَكَحَهَا لَمْ أُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِمَا أَقْطَعُ بِهِ الشَّهَادَةَ عَلَى الرَّضَاعِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ فِي هَذَا مِنْ خَبَرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ قِيلَ‏:‏ نَعَمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ «أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ نَكَحَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي أَهَابٍ فَقَالَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا قَالَ فَجِئْت إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَأَعْرَضَ فَتَنَحَّيْت فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا»‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ إعْرَاضُهُ عليه الصلاة والسلام يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَرَ هَذَا شَهَادَةً تَلْزَمُهُ، وَقَوْلُهُ وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا‏؟‏ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَرِهَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ مَعَهَا وَقَدْ قِيلَ إنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَهَذَا مَعْنَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنْ يَتْرُكَهَا وَرَعًا لاَ حُكْمًا‏.‏

الْإِقْرَارُ بِالرَّضَاعِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَإِذَا أَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّ امْرَأَةً أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ ابْنَتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلَمْ يَنْكِحْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَقَدْ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي يَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّهُ أَوْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ يُعْرَفُ لِلْمُرْضِعِ مِثْلُهُ وَكَانَ لَهَا سِنٌّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرْضِعَ مِثْلُهَا مِثْلَهُ لَوْ وُلِدَ لَهُ وَكَانَتْ لَهُ سِنٌّ تُحْتَمَلُ أَنْ تُرْضِعَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ الَّتِي وُلِدَتْ مِنْهُ مِثْلُ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهَا ابْنَتُهُ لَمْ تَحْلِلْ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَبَدًا فِي الْحُكْمِ وَلاَ مِنْ بَنَاتِهِمَا، وَلَوْ قَالَ مَكَانَهُ غَلِطْتُ أَوْ وَهَمْتُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُمَا ذَوَاتَا مَحْرَمٍ مِنْهُ قَبْلُ يَلْزَمُهُ لَهُمَا أَوْ يَلْزَمُهُمَا لَهُ شَيْءٌ‏.‏

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُقِرَّةُ بِذَلِكَ وَهُوَ يُكَذِّبُهَا ثُمَّ قَالَتْ غَلِطْت لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِهِ فِي حَالٍ لاَ يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَلاَ يَجُرُّ إلَيْهَا وَلاَ تُلْزِمُهُ وَلاَ نَفْسَهَا بِإِقْرَارٍ شَيْئًا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا غَيْرَ أَنْ لَمْ تَلِدْ الَّتِي أَقَرَّ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ أَوْ وَلَدَتْ وَهِيَ أَصْغَرُ مَوْلُودًا مِنْهُ فَكَانَ مِثْلُهَا لاَ يُرْضِعُ لِمِثْلِهِ بِحَالٍ أَوْ كَانَتْ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهَا ابْنَتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مِثْلَهُ فِي السِّنِّ أَوْ أَكْبَرَ مِنْهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ لاَ يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ أَنْ تَكُونَ ابْنَتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ كَانَ قَوْلُهُ وَقَوْلُهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ بَاطِلاً وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلاَ وَلَدًا لَهُمَا إنَّمَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَيَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ فِيمَا يُمْكِنُ مِثْلُهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ صَدَّقَتْهُ أَوْ كَانَتْ الْمُدَّعِيَةُ دُونَهُ‏:‏ أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَكْبَرَ مِنْهُ هَذَا ابْنِي وَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ أَبَدًا‏.‏

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ هُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ هَذَا أَبِي وَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ وَلاَ نَسَبَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا يُعْرَفُ لَمْ يَكُنْ أَبَاهُ إنَّمَا أَقْبَلُ مِنْ هَذَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي دَعْوَاهَا بِحَالِهَا فَقَالَ هَذِهِ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ قَالَتْ هَذَا أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَكَذَّبَتْهُ أَوْ صَدَّقَتْهُ أَوْ كَذَّبَهَا فِي الدَّعْوَى أَوْ صَدَّقَهَا كَانَ سَوَاءً كُلُّهُ وَلاَ يَحِلُّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْكِحَ الْآخَرَ وَلاَ وَاحِدًا مِنْ وَلَدِهِ فِي الْحُكْمِ وَيَحِلُّ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ عَلِمَا أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ أَنْ يَتَنَاكَحَا أَوْ وَلَدُهُمَا وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مِنْ امْرَأَةٍ لَمْ يُسَمِّهَا قَبِلْت ذَلِكَ مِنْهُ وَلَمْ أَنْظُرُ إلَى سِنِّهِ وَسِنِّهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَكْبَرَ مِنْهَا وَتَعِيشُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ حَتَّى تُرْضِعَهَا بِلَبَنِ وَلَدٍ غَيْرِ الْوَلَدِ الَّذِي أَرْضَعَتْهُ بِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْهُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِنْ سَمَّى امْرَأَةً أَرْضَعَتْهُ فَقَالَ أَرْضَعَتْنِي وَإِيَّاهَا فُلاَنَةُ فَكَانَ لاَ يُمْكِنُ بِحَالٍ أَنْ تُرْضِعَهُ أَوْ لاَ يُمْكِنُ بِحَالٍ أَنْ تُرْضِعَهَا لِمَا وَصَفْت مِنْ تَفَاوُتِ السِّنِينَ أَوْ مَوْتِ الَّتِي زَعَمَ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا قَبْلَ أَنْ يُولَدَ أَحَدُهُمَا كَانَ إقْرَارُهُ بَاطِلاً كَالْقَوْلِ فِي الْمَسَائِلِ قَبْلَ هَذَا إنَّمَا أُلْزِمُهُ إقْرَارَهُ وَإِقْرَارَهَا فِيمَا يُمْكِنُ مِثْلُهُ وَلاَ أُلْزِمُهُمَا فِيمَا لاَ يُمْكِنُ مِثْلُهُ إذَا كَانَ إقْرَارُهُمَا لاَ يُلْزِمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ شَيْئًا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَ مَلَكَ عُقْدَةَ نِكَاحِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى أَقَرَّ أَنَّهَا ابْنَتُهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ أُمُّهُ وَذَلِكَ يُمْكِنُ فِيهَا وَفِيهِ سَأَلْتهَا فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَرَّقْت بَيْنَهُمَا وَلَمْ أَجْعَلْ لَهَا مَهْرًا وَلاَ مُتْعَةً وَإِنْ كَذَّبَتْهُ أَوْ كَانَتْ صَبِيَّةً فَأَكْذَبَهُ أَبُوهَا أَوْ أَقَرَّ بِدَعْوَاهُ فَسَوَاءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ حَقَّهَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِكُلِّ حَالٍ وَأَجْعَلُ لَهَا عَلَيْهِ نِصْفَ الْمَهْرِ الَّذِي سَمَّى لَهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِأَنَّهَا مَحْرَمٌ مِنْهُ بَعْدَمَا لَزِمَهُ لَهَا الْمَهْرُ إنْ دَخَلَ وَنِصْفُهُ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فَأَقْبَلُ إقْرَارَهُ فِيمَا يُفْسِدُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَرُدُّهُ فِيمَا يَطْرَحُ بِهِ حَقَّهَا الَّذِي يَلْزَمُهُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِنْ أَرَادَ إحْلاَفَهَا وَكَانَتْ بَالِغَةً أَحَلَفْتهَا لَهُ مَا هِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَإِنْ حَلَفَتْ كَانَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ عَلَى أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَسَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ الْمَهْرِ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ نِصْفُ الْمَهْرِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِنْ كَانَتْ صَبِيَّةً أَوْ مَعْتُوهَةً فَلاَ يَمِينَ عَلَيْهَا وَآخُذُهُ لَهَا بِنِصْفِ الْمَهْرِ الَّذِي سَمَّى لَهَا فَإِذَا كَبِرَتْ الصَّبِيَّةُ أَحَلَفْتهَا لَهُ إنْ شَاءَ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَ لَمْ يَفْرِضْ لَهَا وَكَانَتْ صَبِيَّةً أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا كَانَ لَهَا نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا فَزُوِّجَتْ بِرِضَاهَا بِلاَ مَهْرٍ فَلاَ مَهْرَ لَهَا وَلَهَا الْمُتْعَةُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِذَلِكَ أَفْتَيْته بِأَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَدَعَ نِكَاحَهَا بِتَطْلِيقَةٍ يُوقِعُهَا عَلَيْهَا لِتَحِلَّ بِهَا لِغَيْرِهِ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً وَلاَ يَضُرُّهُ إنْ كَانَتْ صَادِقَةً وَلاَ أُجْبِرُهُ فِي الْحُكْمِ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهَا نِكَاحُهُ فَلاَ أُصَدِّقُهَا عَلَى إفْسَادِهِ وَأُحَلِّفُهُ لَهَا عَلَى دَعْوَاهَا مَا هِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَإِنْ حَلَفَ أُثْبِتَ النِّكَاحُ وَإِنْ نَكَلَ أَحَلَفْتهَا فَإِنْ حَلَفَتْ فَسَخْت النِّكَاحَ وَلاَ شَيْءَ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ فَهِيَ امْرَأَتُهُ بِحَالِهَا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَهَذَا إذَا لَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَرْبَعَ نِسْوَةٍ وَلاَ رَجُلَيْنِ وَلاَ رَجُلاً وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى مَا ادَّعَى فَإِنْ أَقَامَا عَلَى ذَلِكَ مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَلاَ أَيْمَانَ بَيْنَهُمَا وَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ إذَا شَهِدَ النِّسْوَةُ عَلَى رَضَاعٍ أَوْ الرِّجَالُ فَإِنْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ بِالرَّضَاعِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتَيْنِ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَشْهَدُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَإِنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ فِيمَا لاَ يَنْبَغِي لِلرِّجَالِ أَنْ يَعْمِدُوا النَّظَرَ إلَيْهِ لِغَيْرِ الشَّهَادَةِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِنْ كَانَ هَذَا بَعْدَ إصَابَتِهِ إيَّاهَا وَكَانَ هُوَ الْمُقِرَّ فَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَهَا الْمَهْرُ الَّذِي سَمَّى لَهَا وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا كَانَ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ الْمَهْرِ الَّذِي سَمَّى لَهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ أَنَّهَا أُخْتُهُ لَمْ تُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهَا فَيَكُونَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا‏.‏

الرَّجُلُ يُرْضِعُ مِنْ ثَدْيِهِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَلاَ أَحْسَبُهُ يَنْزِلُ لِلرَّجُلِ لَبَنٌ فَإِنْ نَزَلَ لَهُ لَبَنٌ فَأَرْضَعَ بِهِ مَوْلُودَةً كَرِهْتُ لَهُ نِكَاحَهَا وَلِوَلَدِهِ فَإِنْ نَكَحَهَا لَمْ أَفْسَخْهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ رَضَاعَ الْوَالِدَاتِ وَالْوَالِدَاتُ إنَاثٌ وَالْوَالِدُونَ غَيْرُ الْوَالِدَاتِ وَذَكَرَ الْوَالِدَ بِأَنَّ عَلَيْهِ مُؤْنَةَ الرَّضَاعِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْآبَاءِ حُكْمَ الْأُمَّهَاتِ وَلاَ حُكْمُ الْأُمَّهَاتِ حُكْمَ الْآبَاءِ وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ أَحْكَامِهِمْ‏.‏

رَضَاعُ الْخُنْثَى

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ أَصْلُ مَا ذُهِبَ إلَيْهِ فِي الْخُنْثَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَجُلٌ نَكَحَ امْرَأَةً وَلَمْ يَنْزِلْ فَنَكَحَهُ رَجُلٌ فَإِذَا نَزَلَ لَهُ لَبَنٌ فَأَرْضَعَ بِهِ صَبِيًّا لَمْ يَكُنْ رَضَاعًا يُحَرِّمُ وَهُوَ مِثْلُ لَبَنِ الرَّجُلِ لِأَنِّي قَدْ حَكَمْت لَهُ أَنَّهُ رَجُلٌ وَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ فَنَزَلَ لَهُ لَبَنٌ مِنْ نِكَاحٍ وَغَيْرِ نِكَاحٍ فَأَرْضَعَ بِهِ صَبِيًّا حَرَّمَ كَمَا تُحَرِّمُ الْمَرْأَةُ إذَا أَرْضَعَتْ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَإِذَا كَانَ مُشْكِلاً فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ فَأَيَّهُمَا نَكَحَ بِهِ لَمْ أُجِزْ لَهُ غَيْرَهُ وَلَمْ أَجْعَلْهُ يَنْكِحُ بِالْآخَرِ‏.‏

باب التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ‏:‏ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ‏}‏ الْآيَةُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَبُلُوغُ الْكِتَابِ أَجَلَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ قَالَ فَبَيَّنَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ اللَّهَ فَرَّقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ خَلْقِهِ بَيْنَ أَسْباب الْأُمُورِ وَعَقَدِ الْأُمُورِ وَبَيْنَ إذْ فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرَهُ بَيْنَهُمَا أَنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَأَنْ لاَ يَفْسُدَ أَمْرٌ بِفَسَادِ السَّبَبِ إذَا كَانَ عَقْدُ الْأَمْرِ صَحِيحًا وَلاَ بِالنِّيَّةِ فِي الْأَمْرِ وَلاَ تَفْسُدُ الْأُمُورُ إلَّا بِفَسَادٍ إنْ كَانَ فِي عَقْدِهَا لاَ بِغَيْرِهِ أَلاَ تَرَى أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ أَنْ يُعْقَدَ النِّكَاحُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَلَمْ يُحَرِّمْ التَّعْرِيضَ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ وَلاَ أَنْ يَذْكُرَهَا وَيَنْوِيَ نِكَاحَهَا بِالْخِطْبَةِ لَهَا، وَالذِّكْرُ لَهَا وَالنِّيَّةُ فِي نِكَاحِهَا سَبَبُ النِّكَاحِ وَبِهَذَا أَجَزْنَا الْأُمُورَ بِعَقْدِهَا إنْ كَانَ جَائِزًا وَرَدَدْنَاهَا بِهِ إنْ كَانَ مَرْدُودًا وَلَمْ نَسْتَعْمِلْ أَسْباب الْأُمُورِ فِي الْأَحْكَامِ بِحَالٍ فَأَجَزْنَا أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ لاَ يَنْوِي حَبْسَهَا إلَّا يَوْمًا وَلاَ تَنْوِي هِيَ إلَّا هُوَ وَكَذَلِكَ لَوْ تَوَاطَآ عَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ النِّكَاحِ وَكَذَلِكَ قُلْنَا فِي الطَّلاَقِ إذَا قَالَ لَهَا‏:‏ اعْتَدِّي لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا إلَّا بِنِيَّةِ طَلاَقٍ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ غَضَبٍ أَوْ بَعْدَهُ وَإِذْ أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ فَبَيَّنَ أَنَّهُ حَظَرَ التَّصْرِيحَ فِيهَا وَخَالَفَ بَيْنَ حُكْمِ التَّعْرِيضِ وَالتَّصْرِيحِ وَبِذَلِكَ قُلْنَا لاَ نَجْعَلُ التَّعْرِيضَ أَبَدًا يَقُومُ مَقَامَ التَّصْرِيحِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُعَرِّضُ التَّصْرِيحَ وَجَعَلْنَاهُ فِيمَا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ مِنْ النِّيَّةِ وَغَيْرِهِ فَقُلْنَا لاَ يَكُونُ طَلاَقًا إلَّا بِإِرَادَتِهِ وَقُلْنَا لاَ نَجِدُ أَحَدًا فِي تَعْرِيضٍ إلَّا بِإِرَادَةِ التَّصْرِيحِ بِالْقَذْفِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا‏}‏ يَعْنِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ جِمَاعًا ‏{‏إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفًا‏}‏ قَوْلاً حَسَنًا لاَ فُحْشَ فِيهِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ‏:‏ رَضِيتُك إنَّ عِنْدِي لَجِمَاعًا حَسَنًا يُرْضِي مَنْ جُومِعَهُ فَكَانَ هَذَا وَإِنْ كَانَ تَعْرِيضًا مَنْهِيًّا عَنْهُ لِقُبْحِهِ وَمَا عَرَّضَ بِهِ مِمَّا سِوَى هَذَا مِمَّا يُفْهِمُ الْمَرْأَةَ بِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ نِكَاحَهَا فَجَائِزٌ لَهُ وَكَذَلِكَ التَّعْرِيضُ بِالْإِجَابَةِ لَهُ جَائِزٌ لَهَا لاَ يَحْظُرُ عَلَيْهَا مِنْ التَّعْرِيضِ شَيْءٌ يُبَاحُ لَهُ وَلاَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يُبَاحُ لَهَا وَإِنْ صَرَّحَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ وَصَرَّحَتْ لَهُ بِالْإِجَابَةِ أَوْ لَمْ تُصَرِّحْ وَلَمْ يَعْقِدْ النِّكَاحَ فِي الْحَالَيْنِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَالتَّصْرِيحُ لَهُمَا مَعًا مَكْرُوهٌ وَلاَ يَفْسُدُ النِّكَاحُ بِالسَّبَبِ غَيْرِ الْمُبَاحِ مِنْ التَّصْرِيحِ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَادِثٌ بَعْدَ الْخِطْبَةِ لَيْسَ بِالْخِطْبَةِ أَلاَ تَرَى أَنَّ امْرَأَةً مُسْتَخِفَّةً لَوْ قَالَتْ لاَ أَنْكِحُ رَجُلاً حَتَّى أَرَاهُ مُتَجَرِّدًا أَوْ حَتَّى أُخْبِرَهُ بِالْفَاحِشَةِ فَأَرْضَاهُ فِي الْحَالَيْنِ فَتَجَرَّدَ لَهَا أَوْ أَتَى مِنْهَا مُحَرَّمًا ثُمَّ نَكَحَتْهُ بَعْدَمَا كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا وَمَا فَعَلاَهُ قَبْلَهُ مُحَرَّمًا لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ بِسَبَبِ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَادِثٌ بَعْدَ سَبَبِهِ وَالنِّكَاحُ غَيْرُ سَبَبِهِ، وَهَذَا مِمَّا وَصَفْت مِنْ أَنَّ الْأَشْيَاءَ إنَّمَا تَحِلُّ وَتَحْرُمُ بِعَقْدِهَا لاَ بِأَسْبَابِهَا، قَالَ وَالتَّعْرِيضُ الَّذِي أَبَاحَ اللَّهُ مَا عَدَا التَّصْرِيحَ مِنْ قَوْلٍ‏.‏

وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ رُبَّ مُتَطَلِّعٍ إلَيْكِ وَرَاغِبٍ فِيكِ وَحَرِيصٍ عَلَيْكِ وَإِنَّكِ لَبِحَيْثُ تُحِبِّينَ وَمَا عَلَيْكِ أَيِّمَةٌ وَإِنِّي عَلَيْكِ لَحَرِيصٌ وَفِيكِ رَاغِبٌ‏.‏

وَمَا كَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا خَالَفَ التَّصْرِيحَ أَنْ يَقُولَ تَزَوَّجِينِي إذَا حَلَلْتِ أَوْ أَنَا أَتَزَوَّجُكِ إذَا حَلَلْتِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا جَاوَزَ بِهِ التَّعْرِيضَ وَكَانَ بَيَانًا أَنَّهُ خِطْبَةٌ لاَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْخِطْبَةِ‏.‏

قَالَ وَالْعِدَّةُ الَّتِي أَذِنَ اللَّهُ بِالتَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ فِيهَا الْعِدَّةُ مِنْ وَفَاةِ الزَّوْجِ وَإِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ فَلاَ زَوْجَ يُرْجَى نِكَاحُهُ بِحَالٍ‏.‏

وَلاَ أُحِبُّ أَنْ يُعَرِّضَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ الطَّلاَقِ الَّذِي لاَ يَمْلِكُ فِيهِ الْمُطَلِّقُ الرَّجْعَةَ احْتِيَاطًا‏.‏

وَلاَ يُبَيِّنُ أَنْ لاَ يَجُوزَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ أَمْرَهَا فِي عِدَّتِهَا كَمَا هُوَ غَيْرُ مَالِكِهَا إذَا حَلَّتْ مِنْ عِدَّتِهَا فَأَمَّا الْمَرْأَةُ يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا فَلاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَرِّضَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ مَعَانِي الْأَزْوَاجِ وَقَدْ يُخَافُ إذَا عَرَّضَ لَهَا مَنْ تَرْغَبُ فِيهِ بِالْخِطْبَةِ أَنْ تَدَّعِيَ بِأَنَّ عِدَّتَهَا حَلَّتْ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ وَمَا قُلْت فِيهِ لاَ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِالْخِطْبَةِ أَوْ لاَ يَجُوزُ التَّصْرِيحُ بِالْخِطْبَةِ فَحَلَّتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ نَكَحَتْ الْمَرْأَةُ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ بِمَا وَصَفْت‏.‏

الْكَلاَمُ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ وَمَا لاَ يَنْعَقِدُ

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا‏}‏ وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا‏}‏ وَقَالَ‏:‏ ‏{‏وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ‏}‏ وَقَالَ‏:‏ ‏{‏وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ‏}‏ وَقَالَ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ‏}‏ وَقَالَ‏:‏ ‏{‏وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا‏}‏ وَقَالَ‏:‏ ‏{‏إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ‏}‏ وَقَالَ‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ‏}‏‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَسَمَّى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى النِّكَاحَ اسْمَيْنِ النِّكَاحَ وَالتَّزْوِيجَ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إنْ أَرَادَ النَّبِيُّ‏}‏ الْآيَةُ فَأَبَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ الْهِبَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْهِبَةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ تَجْمَعُ أَنْ يَنْعَقِدَ لَهُ عَلَيْهَا عُقْدَةُ النِّكَاحِ بِأَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لَهُ بِلاَ مَهْرٍ وَفِي هَذَا دَلاَلَةٌ عَلَى أَنْ لاَ يَجُوزَ نِكَاحٌ إلَّا بِاسْمِ النِّكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ وَلاَ يَقَعُ بِكَلاَمٍ غَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ نِيَّةُ التَّزْوِيجِ وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلطَّلاَقِ الَّذِي يَقَعُ بِمَا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ مِنْ الْكَلاَمِ مَعَ نِيَّةِ الطَّلاَقِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَبْلَ أَنْ تُزَوَّجَ مُحَرَّمَةُ الْفَرْجِ فَلاَ تَحِلُّ إلَّا بِمَا سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهَا تَحِلُّ بِهِ لاَ بِغَيْرِهِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَنْكُوحَةَ تَحْرُمُ بِمَا حَرَّمَهَا بِهِ زَوْجُهَا مِمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وَقَدْ دَلَّتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ الطَّلاَقَ يَقَعُ بِمَا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ إذَا أَرَادَ بِهِ الزَّوْجُ الطَّلاَقَ وَلَمْ يَجُزْ فِي الْكِتَابِ وَلاَ السُّنَّةِ إحْلاَلُ نِكَاحٍ إلَّا بِاسْمِ نِكَاحٍ أَوْ تَزْوِيجٍ فَإِذَا قَالَ سَيِّدُ الْأَمَةِ وَأَبُو الْبِكْرِ أَوْ الثَّيِّبِ أَوْ وَلِيُّهَا لِلرَّجُلِ قَدْ وَهَبْتهَا لَك أَوْ أَحْلَلْتهَا لَك أَوْ تَصَدَّقْت بِهَا عَلَيْك أَوْ أَبَحْت لَك فَرْجَهَا أَوْ مَلَّكْتُك فَرْجَهَا أَوْ صَيَّرْتهَا مِنْ نِسَائِك أَوْ صَيَّرْتهَا امْرَأَتَك أَوْ أَعْمَرْتُكَهَا أَوْ أَجَرْتُكَهَا حَيَاتَك أَوْ مَلَّكْتُك بُضْعَهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا أَوْ قَالَتْهُ الْمَرْأَةُ مَعَ الْوَلِيِّ وَقَبِلَهُ الْمُخَاطَبُ بِهِ نَفْسُهُ أَوْ قَالَ قَدْ تَزَوَّجْتهَا فَلاَ نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَلاَ نِكَاحَ أَبَدًا إلَّا بِأَنْ يَقُولَ قَدْ زَوَّجْتُكهَا أَوْ أَنْكَحْتُكهَا وَيَقُولُ الزَّوْجُ قَدْ قَبِلْت نِكَاحَهَا أَوْ قَبِلْت تَزْوِيجَهَا أَوْ يَقُولُ الْخَاطِبُ زَوِّجْنِيهَا أَوْ أَنْكِحْنِيهَا فَيَقُولُ الْوَلِيُّ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا أَوْ أَنْكَحْتُكَهَا وَيُسَمِّيَانِهَا مَعًا بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا وَلَوْ قَالَ جِئْتُك خَاطِبًا لِفُلاَنَةَ فَقَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا حَتَّى يَقُولَ قَدْ قَبِلْت تَزْوِيجَهَا وَلَوْ قَالَ جِئْتُك خَاطِبًا لِفُلاَنَةَ فَزَوِّجْنِيهَا فَقَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَلَمْ أَحْتَجْ إلَى أَنْ يَقُولَ قَدْ قَبِلْت تَزْوِيجَهَا وَلاَ نِكَاحَهَا وَهَكَذَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ قَدْ زَوَّجْتُك فُلاَنَةَ فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ قَبِلْت وَلَمْ يَقُلْ تَزْوِيجَهَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا حَتَّى يَقُولَ قَدْ قَبِلْت تَزْوِيجَهَا وَلَوْ قَالَ الْخَاطِبُ زَوِّجْنِي فُلاَنَةَ فَقَالَ الْوَلِيُّ قَدْ فَعَلْت أَوْ قَدْ أَجَبْتُك إلَى مَا طَلَبْت أَوْ مَلَّكْتُك مَا طَلَبْت لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا حَتَّى يَقُولَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا أَوْ أَنْكَحْتُكهَا فَإِنْ قَالَ زَوِّجْنِي فُلاَنَةَ فَقَالَ قَدْ مَلَّكْتُك نِكَاحَهَا أَوْ مَلَّكْتُك بُضْعَهَا أَوْ مَلَّكْتُك أَمْرَهَا أَوْ جَعَلْت بِيَدِك أَمْرَهَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا حَتَّى يَتَكَلَّمَ بزوجتكها أَوْ أَنْكَحْتُكَهَا وَيَتَكَلَّمَ الْخَاطِبُ بأنكحنيها أَوْ زَوِّجْنِيهَا فَإِذَا اجْتَمَعَ هَذَا انْعَقَدَ النِّكَاحُ وَهَكَذَا يَكُونُ نِكَاحُ الصِّغَارِ وَالْإِمَاءِ لاَ يَنْعَقِدُ عَلَيْهِنَّ النِّكَاحُ مِنْ قَوْلِ وُلاَتِهِنَّ إلَّا بِمَا يَنْعَقِدُ بِهِ عَلَى الْبَالِغِينَ وَلَهُمْ إذَا تَكَلَّمَا جَمِيعًا بِإِيجَابِ النِّكَاحِ مُطْلَقًا جَازَ وَإِنْ كَانَ فِي عُقْدَةِ النِّكَاحِ مَثْنَوِيَّةٌ لَمْ يَجُزْ وَلاَ يَجُوزُ فِي النِّكَاحِ خِيَارٌ بِحَالٍ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا إنْ رَضِيَ فُلاَنٌ أَوْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى أَنَّك بِالْخِيَارِ فِي مَجْلِسِك أَوْ فِي يَوْمِك أَوْ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ أَوْ عَلَى أَنَّهَا بِالْخِيَارِ أَوْ زَوَّجْتُكَهَا إنْ أَتَيْت بِكَذَا أَوْ فَعَلْت كَذَا فَفَعَلَهُ فَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا تَزْوِيجًا وَلاَ مَا أَشْبَهَهُ حَتَّى يُزَوِّجَهُ تَزْوِيجًا صَحِيحًا مُطْلَقًا لاَ مَثْنَوِيَّةَ فِيهِ‏.‏

مَا يَجُوزُ وَمَا لاَ يَجُوزُ فِي النِّكَاحِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَلاَ يَكُونُ التَّزْوِيجُ إلَّا لِامْرَأَةٍ بِعَيْنِهَا وَرَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ مِنْ سَاعَتِهِ لاَ يَتَأَخَّرُ بِشَرْطٍ وَلاَ غَيْرِهِ وَيَكُونُ مُطْلَقًا فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ ابْنَتَانِ خَطَبَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَك فَقَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَتَصَادَقَ الْأَبُ وَالْبِنْتُ وَالزَّوْجُ عَلَى أَنَّهُمَا لاَ يَعْرِفَانِ الْبِنْتَ الَّتِي زَوَّجَهُ إيَّاهَا وَقَالَ الْأَبُ لِلزَّوْجِ أَيَّتَهُمَا شِئْت فَهِيَ الَّتِي زَوَّجْتُك أَوْ قَالَ الزَّوْجُ لِلْأَبِ أَيَّتَهُمَا شِئْت فَهِيَ الَّتِي زَوَّجْتَنِي لَمْ يَكُنْ هَذَا نِكَاحًا وَلَوْ قَالَ زَوِّجْنِي أَيَّ ابْنَتَيْك شِئْت فَزَوَّجَهُ عَلَى هَذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا نِكَاحًا وَهَكَذَا لَوْ قَالَ زَوِّجْ ابْنِي وَلَهُ ابْنَانِ فَزَوَّجَهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا نِكَاحًا وَلَوْ قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَك فُلاَنَةَ غَدًا أَوْ إذَا جِئْتُك أَوْ إذَا دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إذَا فَعَلْت أَوْ فَعَلْت كَذَا فَقَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا شَرَطْت فَفَعَلَ مَا شَرَطَ لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا إذَا تَكَلَّمَا بِالنِّكَاحِ مَعًا فَلَمْ يَكُنْ مُنْعَقِدًا مَكَانَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ بَعْدَ مُدَّةٍ وَلاَ شَرْطٍ‏.‏

وَلَوْ قَالَ زَوِّجْنِي حَبَلَ امْرَأَتِك فَزَوَّجَهُ إيَّاهُ فَكَانَ جَارِيَةً لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا وَهَكَذَا لَوْ قَالَ زَوِّجْنِي مَا وَلَدَتْ امْرَأَتُك فَكَانَتْ فِي الْبَلَدِ مَعَهُمَا أَوْ غَائِبَةً عَنْهُمَا فَتَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُمَا حِينَ انْعَقَدَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ لاَ يَعْلَمَانِ أَوَلَدَتْ امْرَأَتُهُ جَارِيَةً أَوْ غُلاَمًا قَالَ وَهَكَذَا لَوْ تَصَادَقَا أَنَّهُمَا قَدْ عَلِمَا أَنَّهَا قَدْ وَلَدَتْ جَارِيَتَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ أَيَّتَهُمَا زَوَّجَ بِعَيْنِهَا وَمَتَى تَكَلَّمَا بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ بِعَيْنِهَا جَازَ النِّكَاحُ وَذَلِكَ أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ فُلاَنَةَ وَلَيْسَتْ لَهُ ابْنَةٌ يُقَالُ لَهَا فُلاَنَةُ إلَّا وَاحِدَةً وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُقَدِّمَ الْمَرْءُ بَيْنَ يَدَيْ خِطْبَتِهِ وَكُلِّ أَمْرٍ طَلَبَهُ سِوَى الْخِطْبَةِ حَمْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ وَالصَّلاَةَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْوَصِيَّةَ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ يَخْطُبُ وَأَحَبُّ إلَيَّ لِلْخَاطِبِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُزَوِّجَ وَيَزِيدَ الْخَاطِبُ أَنْكَحْتُك عَلَى مَا أَمَرَ اللَّه تَعَالَى بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى عُقْدَةِ النِّكَاحِ جَازَ النِّكَاحُ‏.‏

أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا أَنْكَحَ قَالَ أَنْكَحْتُك عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ‏.‏

نَهْيُ الرَّجُلِ عَلَى أَنْ يَخْطِبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «لاَ يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ»‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لاَ يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ»‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ»‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْخَيَّاطِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خُطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ»‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَكَانَ الظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ مَنْ خَطَبَ امْرَأَةً لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْطُبَهَا حَتَّى يَأْذَنَ الْخَاطِبُ أَوْ يَدَعَ الْخِطْبَةَ وَكَانَتْ مُحْتَمَلَةً لاََنْ يَكُونَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَوَجَدْنَا سُنَّةً النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا نَهَى عَنْهَا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا فَبَتَّهَا فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَقَالَ فَإِذَا حَلَلْت فَآذِنِينِي فَلَمَّا حَلَلْت أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَانِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ‏.‏ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لاَ مَالَ لَهُ انْكِحِي أُسَامَةَ فَكَرِهَتْهُ فَقَالَ انْكِحِي أُسَامَةَ فَنَكَحَتْهُ فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطَتْ بِهِ»‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَكَمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْحَالَ الَّتِي خَطَبَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ عَلَى أُسَامَةَ غَيْرَ الْحَالِ الَّتِي نَهَى عَنْ الْخِطْبَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَخْطُوبَةِ حَالاَنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ إلَّا بِأَنْ تَأْذَنَ الْمَخْطُوبَةُ بِإِنْكَاحِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَيَكُونَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا جَازَ النِّكَاحُ عَلَيْهَا وَلاَ يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْطُبَهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ حَتَّى يَأْذَنَ الْخَاطِبُ أَوْ يَتْرُكَ خِطْبَتَهَا وَهَذَا بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ‏.‏ وَقَدْ أَعْلَمَتْ فَاطِمَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَبَا جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَاهَا وَلاَ أَشُكُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ خِطْبَةَ أَحَدِهِمَا بَعْدَ خِطْبَةِ الْآخَرِ فَلَمْ يَنْهَهُمَا وَلاَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَمْ نَعْلَمْهُ أَنَّهَا أَذِنَتْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَخَطَبَهَا عَلَى أُسَامَةَ وَلَمْ يَكُنْ لِيَخْطُبَهَا فِي الْحَالِ الَّتِي نَهَى فِيهَا عَنْ الْخِطْبَةِ وَلَمْ أَعْلَمْهُ نَهَى مُعَاوِيَةَ وَلاَ أَبَا جَهْمٍ عَمَّا صَنَعَا وَالْأَغْلَبُ أَنَّ أَحَدَهُمَا خَطَبَهَا بَعْدَ الْآخَرِ فَإِذَا أَذِنَتْ الْمَخْطُوبَةُ فِي إنْكَاحِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ خِطْبَتُهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ وَإِذْنُ الثَّيِّبِ الْكَلاَمُ وَالْبِكْرُ الصَّمْتُ وَإِنْ أَذِنَتْ بِكَلاَمٍ فَهُوَ إذْنٌ أَكْثَرُ مِنْ الصَّمْتِ قَالَ وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي مَنْ رَأَيْت فَلاَ بَأْسَ أَنْ تَخْطُبَ فِي هَذِهِ الْحَالِ لِأَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ فِي أَحَدٍ بِعَيْنِهِ فَإِذَا أُومِرَتْ فِي رَجُلٍ فَأَذِنَتْ فِيهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ تُخْطَبَ وَإِذَا وَعَدَ الْوَلِيُّ رَجُلاً أَنْ يُزَوِّجَهُ بَعْدَ رِضَا الْمَرْأَةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ تُخْطَبَ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَإِنْ وَعَدَهُ وَلَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ فَلاَ بَأْسَ أَنْ تُخْطَبَ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لاَ يَجُوزُ أَنْ تُزَوَّجَ إلَّا بِأَمْرِهَا وَأَمْرُ الْبِكْرِ إلَى أَبِيهَا وَالْأَمَةُ إلَى سَيِّدِهَا فَإِذَا وَعَدَ أَبُو الْبِكْرِ أَوْ سَيِّدُ الْأَمَةِ رَجُلاً أَنْ يُزَوِّجَهُ فَلاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْطُبَهَا وَمَنْ قُلْت لَهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْطُبَهَا فَإِنَّمَا أَقُولُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا خُطِبَتْ وَأَذِنَتْ وَإِذَا خَطَبَ الرَّجُلُ فِي الْحَالِ الَّتِي نَهَى أَنْ يَخْطُبَ فِيهَا عَالِمًا فَهِيَ مَعْصِيَةٌ يَسْتَغْفِرُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا وَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ بِتِلْكَ الْخِطْبَةِ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَادِثٌ بَعْدَ الْخِطْبَةِ وَهُوَ مِمَّا وَصَفْت مِنْ أَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْعَقْدِ لاَ بِشَيْءٍ تَقَدَّمَهُ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لَهُ لِأَنَّ الْأَسْباب غَيْرُ الْحَوَادِثِ بَعْدَهَا‏.‏

نِكَاحُ الْعِنِّينِ وَالْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَلَمْ أَحْفَظُ عَنْ مُفْتٍ لَقِيته خِلاَفًا فِي أَنْ تُؤَجِّلَ امْرَأَةٌ الْعِنِّينَ سَنَةً فَإِنْ أَصَابَهَا وَإِلَّا خُيِّرَتْ فِي الْمُقَامِ مَعَهُ أَوْ فِرَاقِهِ وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ إذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَكَانَ يُصِيبُ غَيْرَهَا وَلاَ يُصِيبُهَا فَلَمْ تَرْتَفِعْ إلَى السُّلْطَانِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَإِذَا ارْتَفَعَتْ إلَى السُّلْطَانِ فَسَأَلَتْ فُرْقَتَهُ أَجَّلَهُ السُّلْطَانُ مِنْ يَوْمِ يَرْتَفِعَانِ إلَيْهِ سَنَةً فَإِنْ أَصَابَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا خَيَّرَهَا السُّلْطَانُ فَإِنْ شَاءَتْ فُرْقَتَهُ فَسَخَ نِكَاحَهَا وَالْفُرْقَةُ فَسْخٌ بِلاَ طَلاَقٍ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ فَسْخَ الْعُقْدَةِ إلَيْهَا دُونَهُ وَإِنْ شَاءَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ أَقَامَتْ مَعَهُ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ يُخَيِّرَهَا بَعْدَ مُقَامِهَا مَعَهُ‏.‏

وَذَلِكَ أَنَّ اخْتِيَارَهَا الْمُقَامَ مَعَهُ تَرْكٌ لَحَقِّهَا فِي فُرْقَتِهِ فِي مِثْلِ الْحَالِ الَّتِي تَطْلُبُهَا فِيهَا وَإِنْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ بَعْدَ حُكْمِ السُّلْطَانِ بِتَأْجِيلِهِ وَتَخْيِيرِهَا بَعْدَ السَّنَةِ ثُمَّ فَارَقَهَا وَمَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا فَسَأَلَتْ أَنْ يُؤَجِّلَ لَهَا أَجَلَّ وَإِنْ عَلِمَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَهُ أَنَّهُ عِنِّينٌ ثُمَّ رَضِيَتْ نِكَاحَهُ أَوْ عَلِمَتْهُ بَعْدَ نِكَاحِهِ ثُمَّ رَضِيَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ ثُمَّ سَأَلَتْ أَنْ يُؤَجِّلَ لَهَا أَجَّلَ وَلاَ يَقْطَعُ خِيَارَهَا فِي فِرَاقِهِ إلَّا الْأَجَلُ وَاخْتِيَارُهَا الْمُقَامَ مَعَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ عِنِّينٌ حَتَّى يُخْتَبَرَ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُجَامِعُ ثُمَّ يَنْقَطِعُ الْجِمَاعُ عَنْهُ ثُمَّ يُجَامِعُ وَإِنَّمَا قَطَعْت خِيَارَهَا أَنَّهَا تَرَكَتْهُ بَعْدَ إذْ كَانَ لَهَا لاَ شَيْءَ دُونَهُ قَالَ وَلَوْ نَكَحَهَا فَأَجَّلَ ثُمَّ خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ سَأَلَتْ أَنْ يُؤَجِّلَ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ بِالْعَقْدِ الَّذِي اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ فِيهِ بَعْدَ الْحُكْمِ‏.‏

قَالَ الرَّبِيعُ يُرِيدُ إنْ كَانَ يُنْزِلُ فِيهَا مَاءَهُ فَلَهُ الرَّجْعَةُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّبْ الْحَشَفَةَ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ تَرَكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا ثُمَّ سَأَلَتْ أَنْ يُؤَجِّلَ أَجَّلَ لِأَنَّ هَذَا عَقْدٌ غَيْرُ الْعَقْدِ الَّذِي تَرَكَتْ حَقَّهَا فِيهِ بَعْدَ الْحُكْمِ قَالَ وَإِذَا أَصَابَهَا مَرَّةً فِي عَقْدِ نِكَاحٍ ثُمَّ سَأَلَتْ أَنْ يُؤَجِّلَ لَمْ يُؤَجَّلْ أَبَدًا لِأَنَّهُ قَدْ أَصَابَهَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ كَاَلَّذِي يُصِيبُ غَيْرَهَا وَلاَ يُصِيبُهَا لِأَنَّ أَدَاءَهُ إلَى غَيْرِهَا حَقًّا لَيْسَ بِأَدَاءٍ إلَيْهَا وَلَوْ أُجِّلَ الْعِنِّينُ فَاخْتَلَفَا فِي الْإِصَابَةِ فَقَالَ أَصَبْتهَا وَقَالَتْ لَمْ يُصِبْنِي‏.‏

فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تُرِيدُ فَسْخَ نِكَاحِهِ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ حَلَفَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَحْلِفَ مَا أَصَابَهَا فَإِنْ حَلَفَتْ خُيِّرَتْ وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا أُرِيهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ عُدُولٍ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهَا أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا وَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ حَلَفَتْ هِيَ مَا أَصَابَهَا ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ حَلَفَ هُوَ لَقَدْ أَصَابَهَا ثُمَّ أَقَامَ مَعَهَا وَلَمْ تُخَيَّرْ هِيَ وَذَلِكَ أَنَّ الْعُذْرَةَ قَدْ تَعُودُ فِيمَا زَعَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِهَا إذَا لَمْ يُبَالِغْ فِي الْإِصَابَةِ وَأَقَلُّ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يُؤَجَّلَ أَنْ يُغَيِّبَ الْحَشَفَةَ فِي الْفَرْجِ وَذَلِكَ يُحْصِنُهَا وَيُحْلِلْهَا لِلزَّوْجِ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا وَلَوْ أَصَابَهَا فِي دُبُرِهَا فَبَلَغَ مَا بَلَغَ لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يُؤَجَّلَ أَجَلَ الْعِنِّينِ لِأَنَّ تِلْكَ غَيْرُ الْإِصَابَةِ الْمَعْرُوفَةِ حَيْثُ تَحِلُّ وَلَوْ أَصَابَهَا حَائِضًا أَوْ مُحْرِمَةً أَوْ صَائِمَةً أَوْ هُوَ مُحْرِمٌ أَوْ صَائِمٌ كَانَ مُسِيئًا فِيهِ وَلَمْ يُؤَجَّلْ وَلَوْ أُجِّلَ فَجُبَّ ذَكَرُهُ‏.‏

أَوْ نَكَحَهَا مَجْبُوبُ الذَّكَرِ خُيِّرَتْ حِينَ تَعْلَمُ إنْ شَاءَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ وَلَوْ أُجِّلَ خَصِيٌّ وَلَمْ يُجَبَّ ذَكَرُهُ أَوْ نَكَحَهَا خَصِيٌّ غَيْرُ مَجْبُوبِ الذَّكَرِ لَمْ تُخَيَّرْ حَتَّى يُؤَجَّلَ أَجَلَ الْعِنِّينِ فَإِنْ أَصَابَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِلَّا صُنِعَ فِيهِ مَا صُنِعَ فِي الْعِنِّينِ‏.‏

وَلَوْ نَكَحَهَا وَهُوَ يَقُولُ أَنَا عَقِيمٌ أَوْ لاَ يَقُولُهُ حَتَّى مَلَكَ عُقْدَتَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَقِيمٌ أَبَدًا حَتَّى يَمُوتَ لِأَنَّ وَلَدَ الرَّجُلِ يُبْطِئُ شَابًّا وَيُولَدُ لَهُ شَيْخًا وَلَيْسَ لَهَا فِي الْوَلَدِ تَخْيِيرٌ إنَّمَا التَّخْيِيرُ فِي فَقْدِ الْجِمَاعِ لاَ الْوَلَدِ أَلاَ تَرَى أَنَّا لاَ نُؤَجِّلُ الْخَصِيَّ إذَا أَصَابَ وَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ لاَ يُولَدُ لَهُ وَلَوْ كَانَ خَصِيًّا قُطِعَ بَعْضُ ذَكَرِهِ وَبَقِيَ لَهُ مِنْهُ مَا يَقَعُ مَوْقِعَ ذَكَرِ الرَّجُلِ فَلَمْ يُصِبْهَا أُجِّلَ أَجَلَ الْعِنِّينِ وَلَمْ تُخَيَّرْ قَبْلَ أَجَلِ الْعِنِّينِ لِأَنَّ هَذَا يُجَامِعُ وَإِذَا كَانَ الْخُنْثَى يَبُولُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرَّجُلُ فَنَكَحَ عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلاَ خِيَارَ لِلْمَرْأَةِ وَيُؤَجَّلُ إنْ شَاءَتْ أَجَلَ الْعِنِّينِ وَإِذَا كَانَ مُشْكِلاً فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ نَكَحَ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِالْآخَرِ وَيَرِثُ وَيُورَثُ عَلَى مَا حَكَمْنَا لَهُ بِأَنْ يَنْكِحَ عَلَيْهِ قَالَ الرَّبِيعُ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّا لاَ نُوَرِّثُهُ إلَّا مِيرَاثَ امْرَأَةٍ وَإِنْ تَزَوَّجَ عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ أَنْ يَكُونَ رَجُلاً أُعْطِيَهُ الْمَالَ بِقَوْلِهِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ إنْ اسْتَمْتَعَ بِهَا زَوْجُهَا إذَا قَالَتْ لَمْ يُصِبْنِي إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ وَلاَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ لِأَنَّهَا مُفَارِقَةٌ قَبْلَ أَنْ تُصَابَ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الْخُنْثَى عَلَى أَنَّهَا امْرَأَةٌ وَهِيَ تَبُولُ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ الْمَرْأَةُ أَوْ مُشْكِلَةٌ وَلَمْ تُنْكَحْ بِأَنَّهَا رَجُلٌ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلاَ خِيَارَ لَهُ وَإِذَا نَكَحَ الْخُنْثَى عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ وَهُوَ يَبُولُ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ الْمَرْأَةُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ امْرَأَةٌ وَهُوَ يَبُولُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرَّجُلُ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ إلَّا مِنْ حَيْثُ يَبُولُ أَوْ بِأَنْ يَكُونَ مُشْكِلاً فَإِذَا كَانَ مُشْكِلاً فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ فَإِذَا نَكَحَ بِوَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِالْآخَرِ وَيَرِثَ وَيُورَثَ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ‏.‏

مَا يُحَبُّ مِنْ إنْكَاحِ الْعَبِيدِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ‏}‏‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ فَدَلَّتْ أَحْكَامُ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ مِلْكَ لِلْأَوْلِيَاءِ آبَاءً كَانُوا أَوْ غَيْرَهُمْ عَلَى أَيَامَاهُمْ وَأَيَامَاهُمْ الثَّيِّبَاتُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ‏}‏ وَقَالَ فِي الْمُعْتَدَّاتِ‏:‏ ‏{‏فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ‏}‏ الْآيَةُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا» مَعَ مَا سِوَى ذَلِكَ وَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَمَالِيكَ لِمَنْ مَلَكَهُمْ وَأَنَّهُمْ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ شَيْئًا وَلَمْ أَعْلَمْ دَلِيلاً عَلَى إيجَابِ إنْكَاحِ صَالِحِي الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ كَمَا وُجِدَتْ الدَّلاَلَةُ عَلَى إنْكَاحِ الْحُرِّ إلَّا مُطْلَقًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْكِحَ مَنْ بَلَغَ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ ثُمَّ صَالِحُوهُمْ خَاصَّةً وَلاَ يَتَبَيَّنُ لِي أَنْ يُجْبَرَ أَحَدٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْآيَةَ مُحْتَمِلَةٌ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ الدَّلاَلَةُ لاَ الْإِيجَابُ‏.‏

نِكَاحُ الْعَدَدِ وَنِكَاحُ الْعَبِيدِ

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ‏}‏ إلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَنْ لاَ تَعُولُوا‏}‏‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ فَكَمَا بَيَّنَّا فِي الآيَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا الْأَحْرَارُ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ‏}‏ لِأَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ إلَّا الْأَحْرَارُ وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لاَ تَعُولُوا‏}‏ فَإِنَّمَا يَعُولُ مَنْ لَهُ الْمَالُ وَلاَ مَالَ لِلْعَبِيدِ‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى طَلْحَةَ وَكَانَ ثِقَةً عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ يَنْكِحُ الْعَبْدُ امْرَأَتَيْنِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْمُفْتِينَ بِالْبُلْدَانِ وَلاَ يَزِيدُ الْعَبْدُ عَلَى امْرَأَتَيْنِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ مِنْ عَبْدٍ قَدْ عَتَقَ بَعْضُهُ وَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ إلَى أَجَلٍ وَالْعَبْدُ فِيمَا زَادَ عَلَى اثْنَتَيْنِ مِنْ النِّسَاءِ مِثْلُ الْحُرِّ فِيمَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ لاَ يَخْتَلِفَانِ فَإِذَا جَاوَزَ الْحُرُّ أَرْبَعًا فَقُلْت يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَوَاخِرِ مِنْهُنَّ الزَّوَائِدِ عَلَى أَرْبَعٍ فَكَذَلِكَ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ مَا زَادَ الْعَبْدُ فِيهِ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَكُلُّ مَا خَفِيَ أَنَّهُ أَوَّلُ فَمَا زَادَ الْحُرُّ فِيهِ عَلَى أَرْبَعٍ فَأَبْطَلْت النِّكَاحَ أَوْ جَمَعَتْ الْعُقْدَةُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَفَسَخْت نِكَاحَهُنَّ كُلِّهِنَّ، فَكَذَلِكَ أَصْنَعُ فِي الْعَبِيدِ فِيمَا خَفِيَ، وَجَمَعَتْ الْعُقْدَةُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَعَلَى هَذَا الْباب كُلِّهِ قِيَاسُهُ وَلاَ أَعْلَمُ بَيْنَ أَحَدٍ لَقِيته وَلاَ حُكِيَ لِي عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلاَفًا فِي أَنْ لاَ يَجُوزَ نِكَاحُ الْعَبْدِ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَالِكُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إذَا أَذِنَ لَهُ مَالِكُهُ جَازَ نِكَاحُهُ وَلاَ أَحْتَاجَ إلَى أَنْ يَعْقِدَ مَالِكُهُ عُقْدَةَ نِكَاحٍ وَلَكِنَّهُ يَعْقِدُهَا إنْ شَاءَ لِنَفْسِهِ إذَا أَذِنَ لَهُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْعَبْدِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ إذَا كَانَ مَالِكُهُ بَالِغًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَلاَ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ بِحَالٍ وَلاَ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ إنْكَاحَهُ دَلاَلَةٌ لاَ فَرْضٌ وَمَنْ قَالَ إنَّ إنْكَاحَهُ فَرْضٌ فَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ‏.‏

وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا بِالتَّزْوِيجِ فَتَزَوَّجَ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَلاَ يَجُوزُ نِكَاحُهُ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى الْإِذْنِ لَهُ بِهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُكْرِهَ عَبْدَهُ عَلَى النِّكَاحِ فَإِنْ فَعَلَ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ‏.‏

وَكَذَلِكَ إنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ رَضِيَ الْعَبْدُ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ أَنْ يَنْكِحَ حُرَّةً فَنَكَحَ أَمَةً أَوْ أَمَةً فَنَكَحَ حُرَّةً أَوْ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا فَنَكَحَ غَيْرَهَا أَوْ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ بَلَدٍ فَنَكَحَ امْرَأَةً مِنْ غَيْرِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَإِنْ قَالَ لَهُ انْكِحْ مَنْ شِئْت فَنَكَحَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً نِكَاحًا صَحِيحًا فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَالْعَبْدُ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ يَخْطُبُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ كَالْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ يَخْطُبُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً أَوْ قَالَ مَنْ شِئْت فَنَكَحَ الَّتِي أَذِنَ لَهُ بِهَا أَوْ نَكَحَ امْرَأَةً مَعَ قَوْلِهِ انْكِحْ مَنْ شِئْت وَأَصْدَقَهَا أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَانَ النِّكَاحُ ثَابِتًا وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لاَ يُزَادُ عَلَيْهِ وَلاَ يَكُونُ لَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لاَ يَفْسُدُ مِنْ قَبْلِ صَدَاقٍ بِحَالٍ وَيُتْبَعُ الْعَبْدُ بِالْفَضْلِ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا إذَا عَتَقَ وَلاَ سَبِيلَ لَهَا عَلَيْهِ فِي حَالَةِ رِقِّهِ لِأَنَّ مَالَهُ لِمَالِكِهِ وَلَوْ كَاتَبَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ فِي حَالِ كِتَابَتِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَامِّ الْمِلْكِ عَلَى مَالِهِ وَأَنَّ مَالَهُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَعْجِزَ فَيَرْجِعَ إلَى سَيِّدِهِ أَوْ يَعْتِقَ فَيَكُونَ لَهُ فَإِذَا عَتَقَ كَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ الْفَضْلَ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا حَتَّى تَسْتَوْفِيَ مَا سَمَّى لَهَا وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي حُرٍّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهَا اتِّبَاعَهُ لِأَنَّ رَدَّنَا أَمْرُ الْمَمْلُوكِ لِأَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ وَأَمْرَ الْمَحْجُورِ لِلْحَجْرِ وَالْمَالَ لَهُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً وَلَمْ يُسَمِّهَا وَلاَ بَلَدَهَا فَنَكَحَ امْرَأَةً مِنْ غَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهِ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَلَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ وَكَانَ لَهُ مَنْعُهُ الْخُرُوجَ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً فَالصَّدَاقُ فِيمَا اكْتَسَبَ الْعَبْدُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ أَنْ يَكْتَسِبَ فَيُعْطِيَهَا الصَّدَاقَ دُونَهُ وَكَذَلِكَ النَّفَقَةَ إذَا وَجَبَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ الَّذِي أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ بِالنِّكَاحِ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ الصَّدَاقَ مِمَّا فِي يَدَيْهِ مِنْ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ بِالتِّجَارَةِ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا إنْ كَانَ فِي يَدَيْهِ لِأَنَّهُ مَالُ السَّيِّدِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَدَعَهُ يَكْتَسِبَ الْمَهْرَ لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ بِالنِّكَاحِ إذْنٌ بِاكْتِسَابِ الْمَهْرِ وَدَفْعِهِ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ بِالنِّكَاحِ فَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ وَيُرْسِلَهُ حَيْثُ شَاءَ وَلَيْسَ لَهُ إذَا كَانَ مَعَهُ بِالْمِصْرِ أَنْ يَمْنَعَهُ امْرَأَتَهُ فِي الْحِينِ الَّذِي لاَ خِدْمَةَ لَهُ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إيَّاهَا فِي الْحِينِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فِيهِ الْخِدْمَةُ وَلَيْسَ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ وَلاَ مَالِ السَّيِّدِ مِنْ الصَّدَاقِ وَلاَ النَّفَقَةِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَضْمَنَهُ فَيُلْزِمَهُ بِالضَّمَانِ كَمَا يُلْزِمُ بِالضَّمَانِ عَلَى الْأَجْنَبِيَّيْنِ‏.‏

وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً حُرَّةً بِأَلْفٍ فَتَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَضَمِنَ السَّيِّدُ لَهَا الْأَلْفَ فَالضَّمَانُ لاَزِمٌ وَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ السَّيِّدَ بِضَمَانِهِ وَلاَ بَرَاءَةَ لِلْعَبْدِ مِنْهَا حَتَّى تَسْتَوْفِيَهَا فَإِذَا بَاعَهَا السَّيِّدُ زَوْجَهَا بِأَمْرِ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِ أَمْرِهِ بِتِلْكَ الْأَلْفِ بِعَيْنِهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ عُقْدَةَ الْبَيْعِ وَتِلْكَ الْأَلْفَ يَقَعَانِ مَعًا لاَ يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَلَمَّا كَانَتْ لاَ تَمْلِكُ الْعَبْدَ أَبَدًا بِتِلْكَ الْأَلْفِ بِعَيْنِهَا لِأَنَّهَا تَبْطُلُ عَنْهَا بِأَنَّ نِكَاحَهَا لَوْ مَلَكَتْ زَوْجَهَا يَنْفَسِخُ كَانَ شِرَاؤُهَا لَهُ فَاسِدًا فَالْأَلْفُ بِحَالِهَا وَالْعَبْدُ عَبْدُهُ وَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ‏.‏

قَالَ الرَّبِيعُ وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَزَوَّجَ وَضَمِنَ السَّيِّدُ الْأَلْفَ ثُمَّ طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ الْأَلْفَ مِنْ السَّيِّدِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ فَبَاعَهَا زَوْجَهَا بِالْأَلْفِ الَّتِي هِيَ صَدَاقُهَا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا إذَا مَلَكَتْ زَوْجَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا فَإِذَا انْفَسَخَ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهَا صَدَاقٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا صَدَاقٌ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرًى بِلاَ ثَمَنٍ فَكَانَ الْبَيْعُ بَاطِلاً وَكَانَ النِّكَاحُ بِحَالِهِ قَالَ الرَّبِيعُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ النِّكَاحُ بِحَالِهِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بِإِذْنِ الْعَبْدِ أَوْ غَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّهَا لاَ تَمْلِكُهُ أَبَدًا بِتِلْكَ الْأَلْفِ وَلاَ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهَا تَبْطُلُ كُلُّهَا إذَا مَلَكَتْهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا كَانَ لَهَا نِصْفُ الْأَلْفِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَبَاعَهَا إيَّاهُ بِلاَ أَمْرِ الْعَبْدِ بِأَلْفٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَكَانَ الْعَبْدُ لَهَا وَعَلَيْهَا الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَهَا إيَّاهُ بِهِ وَكَانَ النِّكَاحُ مُنْفَسِخًا مِنْ قِبَلِهَا وَقِبَلِ السَّيِّدِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ طَلاَقُهَا، وَلَوْ كَانَ بَاعَهَا إيَّاهُ بَيْعًا فَاسِدًا كَانَا عَلَى النِّكَاحِ‏.‏

وَلَوْ كَانَتْ امْرَأَةُ الْعَبْدِ أَمَةً فَاشْتَرَتْ زَوْجَهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا أَوْ اشْتَرَاهَا زَوْجَهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ وَكَذَلِكَ إنْ وَهَبَتْ لَهُ أَوْ وَهَبَ لَهَا أَوْ مَلَكَهَا أَوْ مَلَكَتْهُ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ الْمِلْكُ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ لِأَنَّ مَا مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ لاَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الزَّوْجِ حُرًّا فَاشْتَرَى امْرَأَتَهُ بِإِذْنِ الَّذِي لَهُ فِيهِ الرِّقُّ فَسَدَ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ‏.‏

وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ أَنْ يَنْكِحَ مَنْ شَاءَ وَمَا شَاءَ مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ حُرَّتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ أَوْ كِتَابِيَّتَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّتَيْنِ وَيَنْكِحَ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ وَالْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ وَيَعْقِدَ نِكَاحَ أَمَةٍ وَحُرَّةٍ مَعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً كِتَابِيَّةً وَلاَ تَحِلُّ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ لِمُسْلِمٍ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ‏.‏

وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ قَدْ زَوَّجْتُك فَلاَ يَجُوزُ عَلَيْهِ النِّكَاحُ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْعَبْدُ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَوْ سَأَلَهُ الْعَبْدُ أَنْ يُنْكِحَهُ فَقَالَ الْمَوْلَى‏:‏ قَدْ زَوَّجْتُك فُلاَنَةَ بِأَمْرِك وَادَّعَتْ ذَلِكَ، وَقَالَ الْعَبْدُ‏:‏ لَمْ تُزَوِّجْنِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْبَيِّنَةُ‏.‏

الْعَبْدُ يَغُرُّ مِنْ نَفْسِهِ وَالْأَمَةُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَإِذَا خَطَبَ الْعَبْدُ امْرَأَةً وَأَعْلَمَهَا أَنَّهُ حُرٌّ فَتَزَوَّجَتْهُ ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهُ عَبْدٌ فَلَهَا وَلِأَوْلِيَائِهَا الْخِيَارُ فِي الْمُقَامِ مَعَهُ أَوْ فِرَاقِهِ فَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلاَ مَهْرَ لَهَا وَلاَ مُتْعَةَ وَهُوَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلاَقٍ وَإِنْ اخْتَارَتْهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ خَطَبَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا فَظَنَّتْهُ حُرًّا فَلاَ خِيَارَ لَهَا، وَإِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الْأَمَةَ وَهُوَ يَرَاهَا حُرَّةً فَوَلَدُهُ مَمَالِيكُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ غَرَّتْهُ بِنَفْسِهَا وَقَالَتْ أَنَا حُرَّةٌ فَوَلَدُهُ أَحْرَارٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَغْرُورُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْكِحْ إلَّا عَلَى أَنَّ وَلَدَهُ أَحْرَارٌ وَإِنْ غَرَّهُ بِهَا غَيْرُهَا فَوَلَدَتْ أَوْلاَدًا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ فَالْأَوْلاَدُ أَحْرَارٌ وَلِسَيِّدِهَا أَخْذُ مَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ زَوْجِهَا وَلاَ يَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى الْغَارِّ وَلاَ عَلَيْهَا وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ أَوْلاَدِهَا يَوْمَ سَقَطُوا وَيَرْجِعُ بِهِمْ الزَّوْجُ عَلَى الْغَار فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةُ لَهُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَ مِنْهُ مِنْ قِيمَةِ أَوْلاَدِهَا إذَا عَتَقَتْ وَلاَ يَرْجِعُ بِهِ مَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً وَإِنْ أَلْزَمَ قِيمَتَهُمْ ثُمَّ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ‏.‏

تَسَرِّي الْعَبْدُ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ‏}‏ إلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏غَيْرُ مَلُومِينَ‏}‏ فَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَنَّ مَا أَبَاحَهُ مِنْ الْفُرُوجِ فَإِنَّمَا أَبَاحَهُ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ النِّكَاحُ أَوْ مَا مَلَكَتْ الْيَمِينُ‏.‏ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَمْلُوكًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ‏}‏‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ»‏.‏

قَالَ فَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَكُونُ مَالِكًا مَالاً بِحَالٍ وَأَنَّ مَا نُسِبَ إلَى مِلْكِهِ إنَّمَا هُوَ إضَافَةُ اسْمِ مِلْكٍ إلَيْهِ لاَ حَقِيقَةٌ كَمَا يُقَالُ لِلْمُعَلِّمِ غِلْمَانُك وَلِلرَّاعِي غَنَمُك وَلِلْقَيِّمِ عَلَى الدَّارِ دَارُك إذَا كَانَ يَقُومُ بِأَمْرِهَا فَلاَ يَحِلُّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَحَلَّ التَّسَرِّيَ لِلْمَالِكِينَ وَالْعَبْدُ لاَ يَكُونُ مَالِكًا بِحَالٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ مِنْ عَبْدٍ قَدْ عَتَقَ بَعْضُهُ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَ بِمِلْكِ يَمِينٍ بِحَالٍ حَتَّى يَعْتِقَ، وَالنِّكَاحُ يُحَالُ لَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ وَإِنْ تَسَرَّى الْعَبْدُ فَلِسَيِّدِهِ نَزْعُ السُّرِّيَّةِ مِنْهُ وَتَزْوِيجُهُ إيَّاهَا إنْ شَاءَ‏.‏

وَلَوْ عَتَقَ عَبْدٌ تَسَرَّى أَمَةً أَوْ مُكَاتَبٌ وَقَدْ وَلَدَتْ لَهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ حَتَّى يُصِيبَهَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَتَلِدُ، وَلَوْ تَسَرَّى عَبْدٌ قَدْ عَتَقَ بَعْضُهُ أَمَةً مَلَّكَهُ إيَّاهَا سَيِّدُهُ فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ عَتَقَ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ مَالِكًا، وَإِنْ أَرَادَ سَيِّدُهُ أَخَذَ مِنْهُ مِنْ قِيمَةِ الْمَمْلُوكَةِ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِيهِ مِنْ الرِّقِّ كَأَنَّهُ كَانَ وَهَبَهَا لَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ وَهُوَ يَمْلِكُ نِصْفَهُ فَالنِّصْفُ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي النِّصْفِ الثَّانِي لِأَنَّ مِلْكَ مَا يَمْلِكُ مِنْهُ لِسَيِّدِهِ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَإِذَا وَطِئَ عَبْدٌ أَوْ مَنْ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ أَوْ مُكَاتَبٌ جَارِيَةً بِمِلْكِ الْيَمِينِ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَدُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ بِالشُّبْهَةِ فَإِنْ عَتَقَ وَمَلَكَهَا كَانَ لَهُ بَيْعُهَا وَلاَ تَكُونَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ يَمْنَعُهُ بَيْعُهَا مَنْ لَمْ يَبِعْ أُمَّ الْوَلَدِ إلَّا بِأَنْ يُصِيبَهَا بَعْدَمَا يَصِيرُ حُرًّا مَالِكًا، فَإِنْ قِيلَ قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ تَسَرَّى الْعَبْدُ قِيلَ نَعَمْ وَخِلاَفُهُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَطَأُ الرَّجُلُ وَلِيدَةً إلَّا وَلِيدَةً إنْ شَاءَ بَاعَهَا وَإِنْ شَاءَ وَهَبَهَا وَإِنْ شَاءَ صَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ، فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ‏؟‏ قُلْت ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِعَبْدٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَالَ لَيْسَ لَك طَلاَقٌ وَأَمَرَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا فَأَبَى فَقَالَ فَهِيَ لَك فَاسْتَحَلَّهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ يُرِيدُ أَنَّهَا لَهُ حَلاَلٌ بِالنِّكَاحِ وَلاَ طَلاَقَ لَك وَالْحُجَّةُ فِيهِ مَا وَصَفْت لَك مِنْ دَلاَلَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ مِنْ الْعَبِيدِ لَزِمَهُ الطَّلاَقُ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ امْرَأَتُهُ بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ‏.‏

فَسْخُ نِكَاحِ الزَّوْجَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏:‏ ‏{‏إذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ‏}‏ إلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ‏}‏ وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ‏}‏‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ نَزَلَتْ فِي الْهُدْنَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ وَهُمْ أَهْلُ أَوْثَانٍ وَعَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ‏}‏ فَاعْرِضُوا عَلَيْهِنَّ الْإِيمَانَ فَإِنْ قَبِلْنَ وَأَقْرَرْنَ بِهِ فَقَدْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ‏.‏

وَكَذَلِكَ عَلِمَ بَنِي آدَمَ الظَّاهِرَ‏:‏ وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ‏}‏ يَعْنِي بِسَرَائِرِهِنَّ فِي إيمَانِهِنَّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرٍ وَمَعْنَى الْآيَتَيْنِ وَاحِدٌ فَإِذَا كَانَ الزَّوْجَانِ وَثَنِيَّيْنِ فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ أَوَّلاً فَالْجِمَاعُ مَمْنُوعٌ حَتَّى يُسْلِمَ الْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْإِسْلاَمِ مِنْهُمَا لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ‏}‏ وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ‏}‏ فَاحْتَمَلَتْ الْعُقْدَةُ أَنْ تَكُونَ مُنْفَسِخَةً إذَا كَانَ الْجِمَاعُ مَمْنُوعًا بَعْدَ إسْلاَمِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ مُشْرِكًا أَنْ يَبْتَدِئَ النِّكَاحَ، وَاحْتَمَلَتْ الْعُقْدَةُ أَنْ لاَ تَنْفَسِخَ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْإِسْلاَمِ مِنْهُمَا عَلَى التَّخَلُّفِ عَنْهُ مُدَّةً مِنْ الْمُدَدِ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ إذَا جَاءَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَلَمْ يَكُنْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لاَ تَنْقَطِعُ الْعِصْمَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى الْمُتَخَلِّفِ مِنْهُمَا عَنْ الْإِسْلاَمِ مُدَّةٌ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ إلَّا بِخَبَرٍ لاَزِمٍ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَأَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَهْلِ الْمَغَازِي وَغَيْرِهِمْ عَنْ عَدَدٍ قَبْلَهُمْ «أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَسْلَمَ بِمَرٍّ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهِرٌ عَلَيْهَا فَكَانَتْ بِظُهُورِهِ وَإِسْلاَمِ أَهْلِهَا دَارَ الْإِسْلاَمِ، وَامْرَأَتُهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ كَافِرَةٌ بِمَكَّةَ‏.‏ وَمَكَّةُ يَوْمَئِذٍ دَارُ الْحَرْبِ‏.‏ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهَا يَدْعُوهَا إلَى الْإِسْلاَمِ فَأَخَذَتْ بِلِحْيَتِهِ وَقَالَتْ اُقْتُلُوا الشَّيْخَ الضَّالَّ فَأَقَامَتْ أَيَّامًا قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَبَايَعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبَتَا عَلَى النِّكَاحِ»‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَأَخْبَرَنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ فَأَسْلَمَ أَكْثَرُ أَهْلِهَا وَصَارَتْ دَارَ الْإِسْلاَمِ وَأَسْلَمَتْ امْرَأَةُ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ وَامْرَأَةِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَهَرَبَ زَوْجَاهُمَا نَاحِيَةَ الْبَحْرِ مِنْ طَرِيقِ الْيَمَنِ كَافِرَيْنِ إلَى بَلَدِ كُفْرٍ ثُمَّ جَاءَا فَأَسْلَمَا بَعْدَ مُدَّةٍ وَشَهِدَ صَفْوَانُ حُنَيْنًا كَافِرًا فَاسْتَقَرَّا عَلَى النِّكَاحِ وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَنِسَاؤُهُنَّ مَدْخُولٌ بِهِنَّ لَمْ تَنْقَضِ عِدَدُهُنَّ» وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الْمُتَخَلِّفَ عَنْ الْإِسْلاَمِ مِنْهُمَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ الْمِرْأَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا وَسَوَاءٌ خَرَجَ الْمُسْلِمُ مِنْهُمَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَأَقَامَ الْمُتَخَلِّفُ فِيهَا أَوْ خَرَجَ الْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْإِسْلاَمِ أَوْ خَرَجَا مَعًا أَوْ أَقَامَا مَعًا لاَ تَصْنَعُ الدَّارُ فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ شَيْئًا إنَّمَا يَصْنَعُهُ اخْتِلاَفُ الدِّينَيْنِ‏.‏

تَفْرِيعُ إسْلاَمِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْآخَرِ فِي الْعِدَّةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ إذَا كَانَ الزَّوْجَانِ مُشْرِكَيْنِ وَثَنِيَّيْنِ أَوْ مَجُوسِيَّيْنِ عَرَبِيَّيْنِ أَوْ أَعْجَمِيَّيْنِ مِنْ غَيْرِ بَنِي إسْرَائِيلَ وَدَانَا دِينَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَوْ أَيَّ دِينٍ دَانَا مِنْ الشِّرْكِ إذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ أَوْ يَدِينَانِ دِينَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْآخَرِ وَقَدْ دَخَلَ الزَّوْجُ بِالْمَرْأَةِ فَلاَ يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْوَطْءُ وَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْعِدَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْإِسْلاَمِ مِنْهُمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَالْعِصْمَةُ مُنْقَطِعَةٌ بَيْنَهُمَا وَانْقِطَاعُهَا فَسْخٌ بِلاَ طَلاَقٍ وَتَنْكِحُ الْمَرْأَةُ مِنْ سَاعَتِهَا مَنْ شَاءَتْ وَيَتَزَوَّجُ أُخْتَهَا وَأَرْبَعًا سِوَاهَا وَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ فَإِنْ نَكَحَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ فَإِنْ أَصَابَهَا الزَّوْجُ الَّذِي نَكَحَتْهُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْإِسْلاَمِ مِنْهُمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَيَجْتَنِبُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةَ قَبْلَ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَ قَبْلَهَا فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ الْمُسْلِمُ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَ الْمَرْأَةِ فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ فَعَلَ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَكَذَلِكَ لاَ يَنْكِحُ أَرْبَعًا سِوَاهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةَ وَهُوَ الْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْإِسْلاَمِ فَنَكَحَ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَمْسَكَ أَرْبَعًا أَيَّهُنَّ شَاءَ وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ قَالَ وَالنَّصْرَانِيَّانِ وَالْيَهُودِيَّانِ فِي هَذَا كَالْوَثَنِيَّيْنِ إذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الرَّجُلِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَإِنْ أَسْلَمَ الرَّجُلُ قَبْلَ الْمَرْأَةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَ يَهُودِيَّةٍ وَنَصْرَانِيَّةٍ قَالَ‏:‏ وَالْأَزْوَاجُ فِي هَذَا الْأَحْرَارُ وَالْمَمَالِيكُ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ مُشْرِكًا يَدِينُ بِغَيْرِ دِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَهُوَ كَمَنْ وَصَفْنَا مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ‏.‏

الْإِصَابَةُ وَالطَّلاَقُ وَالْمَوْتُ وَالْخَرَسُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ إذَا دَخَلَ الْوَثَنِيُّ بِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لَمْ يَتَوَارَثَا فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ الْمَيِّتُ أَكْمَلَتْ عِدَّتَهَا مِنْ انْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ عِدَّةَ الطَّلاَقِ وَلَمْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ وَفَاةٍ، وَإِنْ خَرِسَ الْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْإِسْلاَمِ مِنْهُمَا أَوْ عَتِهَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمَرْأَةِ فَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ وَصَفَ الْإِسْلاَمَ وَهُوَ لاَ يَعْقِلُهُ فَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا‏.‏

لاَ تَثْبُتُ الْعِصْمَةُ إلَّا بِأَنْ يُسْلِمَ وَهُوَ يَعْقِلُ الْإِسْلاَمَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُتَخَلِّفُ مِنْهُمَا عَنْ الْإِسْلاَمِ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ فَوَصَفَ الْإِسْلاَمَ كَانَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا مُنْقَطِعَةً‏.‏

وَلَوْ وَصَفَهُ سَكْرَانُ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ لِأَنِّي أُلْزِمُ السَّكْرَانَ إسْلاَمَهُ وَأَقْتُلُهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ وَلاَ أُلْزِمُ ذَلِكَ الْمَغْلُوبَ عَلَى عَقْلِهِ بِغَيْرِ السُّكْرِ وَلاَ أُلْزِمُهُ الصَّبِيَّ وَلاَ أَقْتُلُهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ‏.‏

وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُسْلِمُ وَالْمَرْأَةُ هِيَ الْمُتَخَلِّفَةُ وَهِيَ مَغْلُوبَةٌ عَلَى عَقْلِهَا أَوْ غَيْرُ بَالِغٍ فَوَصَفَتْ الْإِسْلاَمَ قُطِعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا‏.‏

وَلَوْ أَسْلَمَتْ بَالِغَةً غَيْرَ مَغْلُوبَةٍ عَلَى عَقْلِهَا إلَّا مِنْ سُكْرِ خَمْرٍ أَوْ نَبِيذٍ مُسْكِرٍ أُثْبِتُ النِّكَاحَ لِأَنِّي أُجْبِرُهَا عَلَى الْإِسْلاَمِ وَأَقْتُلُهَا إنْ لَمْ تَفْعَلْ، وَلَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً فِيهِ بَعْضُ السَّمُومِ فَأَذْهَبَ عَقْلَهَا فَارْتَدَّتْ أَوْ فَعَلَ هُوَ فَارْتَدَّ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُشْرِكًا فَأَسْلَمَ ثُمَّ أَفَاقَ فَأَقَامَ عَلَى أَصْلِ دِينِهِ لَمْ أَجْعَلْ لِرِدَّتِهِمَا وَإِسْلاَمِهِمَا فِي أَوَانِ ذَهَابِ عَقْلِهِمَا حُكْمًا وَهُمَا كَمَا كَانَا أَوَّلاً عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَا حَتَّى يُحْدِثَا غَيْرَهُ وَهُمَا يَعْقِلاَنِ‏.‏

أَجَلُ الطَّلاَقِ فِي الْعِدَّةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَوَقَفْنَا النِّكَاحَ عَلَى الْعِدَّةِ فَطَلَّقَ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ فَالطَّلاَقُ مَوْقُوفٌ‏.‏

فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْإِسْلاَمِ مِنْهُمَا فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ الطَّلاَقُ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَالطَّلاَقُ سَاقِطٌ لِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ الْمُتَخَلِّفُ مِنْهُمَا حَتَّى انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ وَأَنَّهُ طَلَّقَ غَيْرَ زَوْجَةٍ قَالَ‏:‏ وَهَكَذَا لَوْ آلَى مِنْهُمَا أَوْ تَظَاهَرَ وَقَفَ فَلَزِمَهُ إنْ أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ مِنْهُمَا فِي الْعِدَّةِ وَسَقَطَ إنْ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ‏:‏ وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَخَالَعَتْهُ كَانَ الْخُلْعُ مَوْقُوفًا فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ مِنْهُمَا فَالْخَلْعُ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْعِصْمَةُ فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ وَمَا أُخِذَ فِيهِ مَرْدُودٌ وَكَذَلِكَ لَوْ خَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ طَلاَقًا أَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا كَانَ مَوْقُوفًا كَمَا وَصَفَتْ، وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ صَدَاقٍ بِلاَ طَلاَقٍ أَوْ وَهَبَ لَهَا شَيْئًا جَازَتْ بَرَاءَتَهَا وَهِبَتُهُ كَمَا يَجُوزُ لِلْأَزْوَاجِ وَالْمُطَلَّقَاتِ وَمِنْ الْأَزْوَاجِ وَالْمُطَلَّقَاتِ‏.‏

الْإِصَابَةُ فِي الْعِدَّةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَلَوْ أَسْلَمَ الرَّجُلُ وَلَمْ تُسْلِمْ امْرَأَتُهُ فِي الْعِدَّةِ فَأَصَابَهَا كَانَتْ الْإِصَابَةُ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ لِاخْتِلاَفِ الدِّينَيْنِ وَيُمْنَعُ مِنْهَا حَتَّى تُسْلِمَ أَوْ تَبِينَ‏:‏ فَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَهْرٌ لِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّهُ أَصَابَهَا وَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ كَانَ جِمَاعُهُمَا مُحَرَّمًا كَمَا يَكُونُ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ بِحَيْضِهَا وَإِحْرَامِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ فَيُصِيبُهَا فَلاَ يَكُونُ لَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ‏:‏ وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ أَسْلَمَ فَقَدْ انْقَطَعَتْ عِصْمَتُهَا مِنْهُ وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَتُكْمِلُ عِدَّتَهَا مِنْ يَوْمِ كَانَتْ الْإِصَابَةُ تَعْتَدُّ فِيهَا بِمَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا يَوْمَ أَسْلَمَ وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةَ وَهُوَ الثَّابِتُ عَلَى الْكُفْرِ إذَا حَاكَمَتْ إلَيْنَا‏.‏

النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَإِذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الزَّوْجِ ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْعِدَّةِ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا وَلَهَا عَلَيْهِ النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّهَا كَانَتْ مَحْبُوسَةً عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ مَتَى شَاءَ أَنْ يُسْلِمَ فَيَكُونَانِ عَلَى النِّكَاحِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُسْلِمُ وَهِيَ الْمُتَخَلِّفَةُ عَنْ الْإِسْلاَمِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ تُسْلِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ فِي أَيَّامِ كُفْرِهَا لِأَنَّهَا هِيَ الْمَانِعَةُ لِنَفْسِهَا مِنْهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ دَفَعَ إلَيْهَا النَّفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ لَمْ تُسْلِمْ فَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهَا بِهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ تَطَوَّعَ لَهَا بِشَيْءٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهَا وَلَوْ كَانَ إنَّمَا دَفَعَهُ إلَيْهَا عَلَى أَنْ تُسْلِمَ فَأَسْلَمَتْ أَوْ لَمْ تُسْلِمْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ وَلاَ جُعْلَ لِأَحَدٍ عَلَى الْإِسْلاَمِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْجَاعِلُ أَنْ يُسَلِّمَهُ لَهَا مُتَطَوِّعًا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِسْلاَمِ فَقَالَتْ أَسْلَمْت يَوْمَ أَسْلَمْت أَنْتَ وَلَمْ تُعْطِنِي نَفَقَةً، وَقَالَ بَلْ أَسْلَمْت الْيَوْمَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلاَ نَفَقَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَا قَالَتْ فَتُؤْخَذُ لَهَا نَفَقَتُهَا مِنْهُ مِنْ يَوْمِ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ‏.‏

الزَّوْجُ لاَ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَإِذَا كَانَ الزَّوْجَانِ وَثَنِيَّيْنِ وَلَمْ يُصِبْ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ وَإِنْ خَلاَ بِهَا وَقَفْتهمَا فَإِنْ أَسْلَمَ الرَّجُلُ قَبْلَ الْمَرْأَةِ فَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ كَانَ فَرَضَ لَهَا صَدَاقًا حَلاَلاً وَإِنْ كَانَ فَرَضَ صَدَاقًا حَرَامًا فَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرَضَ الْمُتْعَةَ لِأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ كَانَ مِنْ قِبَلِهِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَهُ فَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ وَلاَ شَيْءَ لَهَا مِنْ صَدَاقٍ وَلاَ مُتْعَةٍ لِأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ مِنْ قِبَلِهَا وَلَوْ أَسْلَمَا جَمِيعًا مَعًا فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ جَاءَا مُسْلِمَيْنِ مَعًا وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَسْلَمَ أَوَّلاً وَلاَ نَدْرِي أَيَّهُمَا هُوَ فَالْعِصْمَةُ مُنْقَطِعَةٌ وَلاَ نِصْفَ مَهْرٍ حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّ الزَّوْجَ أَسْلَمَ أَوَّلاً وَلَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ الزَّوْجَ أَسْلَمَ أَوَّلاً وَقَالَ هُوَ بَلْ أَسْلَمَتْ أَوَّلاً فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الْعَقْدَ ثَابِتٌ فَلاَ يَبْطُلُ نِصْفُ الْمَهْرِ إلَّا بِأَنْ تُسْلِمَ قَبْلَهُ وَلَوْ جَاءَنَا مُسْلِمَيْنِ فَقَالَ الزَّوْجُ أَسْلَمْنَا مَعًا وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ أَسْلَمَ أَحَدُنَا قَبْلَ الْآخَرِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ وَلاَ تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ عَلَى فَسْخِ النِّكَاحِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ النِّكَاحَ مُنْفَسِخٌ حَتَّى يَتَصَادَقَا أَوْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ إسْلاَمَهُمَا كَانَ مَعًا لِأَنَّ الْإِسْلاَمَ فَسْخُ الْعُقْدَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا فَأَيَّهُمَا ادَّعَى فَسْخَهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي قَالَتْ أَسْلَمْنَا مَعًا وَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ أَسْلَمَ أَحَدُنَا قَبْلَ الْآخَرِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ مُنْفَسِخٌ وَلَمْ يُصَدَّقْ هُوَ عَلَى الْمَهْرِ وَأُغْرِمَ لَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ بَعْدَ أَنْ تَحْلِفَ بِاَللَّهِ أَنَّ إسْلاَمَهُمَا لَمَعًا وَلَوْ شَهِدَ عَلَى إسْلاَمِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ جَاءَ الزَّوْجُ فَقَالَ قَدْ أَسْلَمْت مَعَهَا كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ جَاءَ بِهَا كَانَتْ امْرَأَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا فَقَدْ عَلِمْنَا إسْلاَمَهَا قَبْلَ أَنْ نَعْلَمَ إسْلاَمَهُ فَتَحْلِفُ لَهُ مَا أَسْلَمَ إلَّا قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَتَنْقَطِعُ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا وَأَيَّهُمَا كَلَّفْنَاهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ إسْلاَمَهُمَا كَانَ مَعًا أَوْ عَلَى وَقْتِ إسْلاَمِهِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ إسْلاَمَهُمَا كَانَ مَعًا لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ حَتَّى يَقْطَعُوا عَلَى أَنَّهُمَا أَسْلَمَا جَمِيعًا مَعًا فَإِنْ شَهِدُوا لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَشَهِدُوا أَنَّهُ أَسْلَمَ يَوْمَ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا حِينَ غَابَتْ الشَّمْسُ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ وَعُلِمَ أَنَّ إسْلاَمَ الْآخَرِ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَثْبَتْنَا النِّكَاحَ وَإِنْ قَالُوا مَعَ مَغِيبِ الشَّمْسِ أَوْ زَوَالِهَا أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ هَذَا عَلَى وَقْتَيْنِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ‏.‏

اخْتِلاَفُ الزَّوْجَيْنِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ وَأَصَابَهَا ثُمَّ أَتَيَانَا مَعًا مُسْلِمَيْنِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ كُنَّا مُشْرِكَيْنِ فَأَسْلَمْت قَبْلَهُ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْمُتَأَخِّرُ مِنَّا وَقَالَ الزَّوْجُ مَا كُنَّا قَطُّ إلَّا مُسْلِمَيْنِ أَوْ قَالَ كُنَّا مُشْرِكَيْنِ فَأَسْلَمْنَا مَعًا، أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُنَا قَبْلَ الْآخَرِ وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّةُ الْمَرْأَةِ حَتَّى أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْإِسْلاَمِ مِنَّا فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أُخِذَتْ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَلاَ تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ عَلَى إفْسَادِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُمَا يَتَصَادَقَانِ عَلَى عَقْدِهِ وَتَدَّعِي الْمَرْأَةُ فَسْخَهُ وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ هُوَ الْمُدَّعِي فَسْخَهُ لَزِمَهُ فَسْخُهُ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى نِصْفِ الصَّدَاقِ لَوْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَتَحْلِفُ وَتَأْخُذُهُ مِنْهُ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً وَرَجُلاً كَافِرَيْنِ أَتَيَانَا مُسْلِمَيْنِ فَتَصَادَقَا عَلَى النِّكَاحِ فِي الْكُفْرِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ بِحَالٍ كَانَتْ زَوْجَتَهُ وَلَوْ تَنَاكَرَا لَمْ تَكُنْ زَوْجَتَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى نِكَاحٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنَّاكِحِ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا لِلنِّكَاحِ ثُمَّ تَكُونُ زَوْجَتَهُ‏.‏

‏[‏الصداق‏]‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَإِذَا تَنَاكَحَ الزَّوْجَانِ الْمُشْرِكَانِ بِصَدَاقٍ يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَنْكِحَ بِهِ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا وَأَسْلَمَا فَالْمَهْرُ لِلْمَرْأَةِ مَا كَانَ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ فَقَدْ اسْتَوْفَتْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ وَإِنْ تَنَاكَرَا فِيهِ فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ قَبَضْته وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ أَقْبِضْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ وَهَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ انْفَسَخَ أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ فَاسِدًا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مُحَرَّمًا مِثْلَ الْخَمْرِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَمْ تَقْبِضْهُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ قَبَضَتْهُ بَعْدَمَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَيْسَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُعْطِيَ خَمْرًا وَلاَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَأْخُذَهُ وَإِنْ قَبَضَتْهُ وَهُمَا مُشْرِكَانِ فَقَدْ مَضَى وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا‏}‏ فَأَبْطَلَ مَا أَدْرَكَ الْإِسْلاَمُ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِرَدِّ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الرِّبَا فَإِنْ كَانَ أَرْطَالَ خَمْرٍ فَأَخَذَتْ نِصْفَهُ فِي الشِّرْكِ وَبَقِيَ نِصْفُهُ أَخَذَتْ مِنْهُ نِصْفَ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْهُ الثُّلُثَ أَوْ الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ رَجَعَتْ بَعْدَهُ بِمَا يَبْقَى مِنْهُ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخْذُ الْخَمْرِ فِي الْإِسْلاَمِ إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ يُعْطِيهِ مُشْرِكًا أَوْ الْمُشْرِكُ يُعْطِيهِ مُسْلِمًا وَإِنْ أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا فِي الْإِسْلاَمِ أَهْرَاقَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ بِحَالٍ إلَّا أَنْ يَعُودَ خَلًّا مِنْ غَيْرِ صَنْعَةِ آدَمِيٍّ فَيَرُدَّ الْخَلَّ إلَى دَافِعِهِ لِأَنَّ عَيْنَ مَالِهِ صَارَتْ خَلًّا وَتَرْجِعُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَلَوْ صَارَتْ خَلًّا مِنْ صَنْعَةِ آدَمِيٍّ أَهْرَاقَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَلاَ رَدُّهَا وَتَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الصَّدَاقِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ مُسْلِمَيْنِ فِي أَيِّ دَارٍ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلاَمِ أَوْ دَارِ الْحَرْبِ فَارْتَدَّ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا لاَ يَخْتَلِفُ فِي حَرْفٍ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ فِي مِثْلِ مَعْنَى مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الزَّوْجَيْنِ الْحَرْبِيَّيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ أَنَّهُ يَثْبُتُ النِّكَاحُ إذَا أَسْلَمَ آخِرُهُمَا إسْلاَمًا قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ فَوَجَدْت فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إثْبَاتَ عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الشِّرْكِ وَعَقْدُ نِكَاحِ الْإِسْلاَمِ ثَابِتٌ وَوَجَدْت فِي حُكْمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَحْرِيمَ الْمُسْلِمَاتِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَتَحْرِيمَ الْمُشْرِكَاتِ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَوَجَدْت أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا ارْتَدَّ حُرِّمَ الْجِمَاعُ أَيَّهُمَا كَانَ الْمُسْلِمُ الْمَرْأَةَ أَوَّلاً أَوْ الزَّوْجُ فَلاَ يَحِلُّ وَطْءُ كَافِرَةٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ الزَّوْجَةُ فَلاَ يَحِلُّ وَطْءُ مُسْلِمَةٍ لِكَافِرٍ فَكَانَ فِي جَمِيعِ مَعَانِي حُكْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يُخَالِفُهُ حَرْفًا وَاحِدًا فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ فَإِنْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ بَعْدَ الْوَطْءِ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ الزَّوْجُ إلَى الْإِسْلاَمِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَإِنْ ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ أَوْ ارْتَدَّا جَمِيعًا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَهَكَذَا أَنْظُرُ أَبَدًا إلَى الْعِدَّةِ فَإِنْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَا مُسْلِمَيْنِ فَسَخْتهَا وَإِذَا أَسْلَمَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَهِيَ ثَابِتَةٌ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فِي الْمُسْلِمَيْنِ يَرْتَدُّ أَحَدُهُمَا وَالْحَرْبِيَّيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ يَخْرَسُ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ أَوْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ إذَا مَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْإِسْلاَمِ مِنْهُمَا انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ وَالْعُقْدَةُ فَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ إلَّا بِأَنْ يَكُونَا مُسْلِمَيْنِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَقَدْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَا مُسْلِمَيْنِ وَلَوْ خَرِسَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا وَقَدْ أَصَابَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَلَمْ يَذْهَبْ عَقْلُهُ فَأَشَارَ بِالْإِسْلاَمِ إشَارَةً تُعْرَفُ وَصَلَّى قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَثْبَتْنَا النِّكَاحَ فَإِنْ كَانَ هُوَ الزَّوْجُ فَنَطَقَ فَقَالَ كَانَتْ إشَارَتِي بِغَيْرِ إسْلاَمٍ وَصَلاَتِي بِغَيْرِ إيمَانٍ إنَّمَا كَانَتْ لِمَعْنًى يَذْكُرُهُ جَعَلْنَا عَلَيْهِ الصَّدَاقَ وَفَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ مَضَتْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَضَتْ حُلْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ أَصَابَهَا بَعْدَ الرِّدَّةِ جَعَلْنَا صَدَاقًا آخَرَ وَتَسْتَقْبِلُ الْعِدَّةَ مِنْ الْجِمَاعِ الْآخَرِ وَتُكْمِلُ عِدَّتَهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَتَعْتَدُّ بِهَا فِي الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ الْآخِرَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُثْبِتَ النِّكَاحَ فِيهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تَعْتَدُّ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي بَقِيَّةِ الْعِدَّةِ الْأُولَى ثَبَتَ النِّكَاحُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ الْمُرْتَدَّةُ فَأَشَارَتْ بِالْإِسْلاَمِ إشَارَةً تُعْرَفُ وَصَلَّتْ فَخُلِّيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا فَأَصَابَهَا فَقَالَتْ كَانَتْ إشَارَتِي بِغَيْرِ الْإِسْلاَمِ وَصَلاَتِي فِي غَيْرِ الْإِسْلاَمِ لَمْ تُصَدَّقْ عَلَى فَسْخِ النِّكَاحِ وَجُعِلَتْ الْآنَ مُرْتَدَّةً تُسْتَتَابُ وَإِلَّا تُقْتَلُ فَإِنْ رَجَعَتْ فِي عِدَّتِهَا إلَى الْإِسْلاَمِ ثَبَتَا عَلَى النِّكَاحِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ الْمُرْتَدُّ فَهَرَبَ وَاعْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ فَجَاءَ مُسْلِمًا وَزَعَمَ أَنَّ إسْلاَمَهُ كَانَ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِشَهْرٍ وَذَلِكَ الْوَقْتُ قَبْلَ مُضِيِّ عِدَّةِ زَوْجَتِهِ وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَأَنْكَرَتْ إسْلاَمَهُ إلَّا فِي وَقْتٍ خَرَجَتْ فِيهِ مِنْ الْعِدَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَإِذَا انْفَسَخَتْ الْعُقْدَةُ بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا أَوْ الْمُسْلِمَيْنِ يَرْتَدُّ أَحَدُهُمَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ مَكَانَهَا وَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ أُخْتَهَا وَأَرْبَعًا سِوَاهَا‏.‏

الْفَسْخُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِالْكُفْرِ وَلاَ يَكُونُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيَّيْنِ أَوْ يَهُودِيَّيْنِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَا زَوْجَيْنِ فَأَسْلَمَ الزَّوْجُ كَانَ النِّكَاحُ كَمَا هُوَ لِأَنَّ الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ حَلاَلٌ لِلْمُسْلِمِ لاَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةَ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا كَالْمَسْأَلَةِ فِي الْوَثَنِيَّيْنِ تُسْلِمُ الْمَرْأَةُ فَيُحَالُ بَيْنَ زَوْجِ هَذِهِ وَبَيْنَهَا فَإِنْ أَسْلَمَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بِسَبْقِهَا إيَّاهُ إلَى الْإِسْلاَمِ لِأَنَّهَا لاَ عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا تَحْتَهُ يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ فَارْتَدَّتْ فَتَمَجَّسَتْ أَوْ تَزَنْدَقَتْ فَصَارَتْ فِي حَالِ مَنْ لاَ تَحِلُّ لَهُ كَانَتْ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ كَالْمُسْلِمَةِ تَرْتَدُّ إنْ عَادَتْ إلَى الدِّينِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ حَلَّتْ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَعُدْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا فَأَمَّا مَنْ دَانَ دِينَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ غَيْرَ بَنِي إسْرَائِيلَ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ وَمَا يَحْرُمُ مِنْهُ وَيَحِلُّ فَكَأَهْلِ الْأَوْثَانِ وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ سَوَاءٌ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً تَحْتَ وَثَنِيٍّ أَسْلَمَ وَلَمْ يُسْلِمْ إذَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ وَعِدَّةُ كُلِّ أَمَةٍ سَوَاءٌ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً وَلاَ يَحِلُّ نِكَاحُ أَمَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِمُسْلِمٍ أَوْ أَمَةٍ حَرْبِيَّةٍ لِحُرٍّ حَرْبِيٍّ كُلُّ مَنْ حَكَمْنَا عَلَيْهِ فَإِنَّمَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ حُكْمَ الْإِسْلاَمِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ حَرْبِيَّيْنِ كِتَابِيَّيْنِ فَأَسْلَمَ الزَّوْجُ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ وَأَكْرَهُ نِكَاحَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَلَوْ نَكَحَ وَهُوَ مُسْلِمٌ حَرْبِيَّةً كِتَابِيَّةً لَمْ أَفْسَخْهُ وَإِنَّمَا كَرِهْته لِأَنِّي أَخَافُ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يَفْتِنَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى دِينِهِ أَوْ يَظْلِمُوهُ وَأَخَافُ عَلَى وَلَدِهِ أَنْ يُسْتَرَقَّ أَوْ يُفْتَنَ عَنْ دِينِهِ فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ الدَّارُ تُحَرِّمُ شَيْئًا أَوْ تُحِلُّهُ فَلاَ وَلَوْ حُرِّمَ عَلَيْهِ وَحَلَّ بِالدَّارِ لَزِمَهُ أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ مُقِيمَةٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهَذَا لاَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الدَّارُ لاَ تُحِلُّ شَيْئًا مِنْ النِّكَاحِ وَلاَ تُحَرِّمُهُ إنَّمَا يُحِلُّهُ وَيُحَرِّمُهُ الدِّينُ لاَ الدَّارُ‏.‏

الرَّجُلُ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ‏}‏‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ»‏.‏

أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ ابْنُ عُلَيَّةَ أَوْ غَيْرُهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ غَيْلاَنَ بْنَ سَلَمَةَ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ أَوْ دَعْ سَائِرَهُنَّ»‏.‏

أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ انْتِهَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْعَدَدِ بِالنِّكَاحِ إلَى أَرْبَعٍ تَحْرِيمُ أَنْ يَجْمَعَ رَجُلٌ بِنِكَاحٍ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ فِيمَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ إلَى الزَّوْجِ فَيَخْتَارُ إنْ شَاءَ الْأَقْدَمَ نِكَاحًا أَوْ الْأَحْدَثَ وَأَيَّ الْأُخْتَيْنِ شَاءَ كَانَ الْعَقْدُ وَاحِدًا أَوْ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ لِأَنَّهُ عَفَا لَهُمْ عَنْ سَالِفِ الْعَقْدِ أَلاَ تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلْ غَيْلاَنَ عَنْ أَيِّهِنَّ نَكَحَ أَوَّلاً ثُمَّ جَعَلَ لَهُ حِينَ أَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ أَنْ يُمْسِكَ أَرْبَعًا وَلَمْ يَقُلْ الْأَوَائِلَ أَوْ لاَ تَرَى أَنَّ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ يُخْبِرُ أَنَّهُ طَلَّقَ أَقْدَمَهُنَّ صُحْبَةً وَيُرْوَى «عَنْ الدَّيْلَمِيِّ أَوْ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أُخْتَانِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمْسِكَ أَيَّتَهُمَا شَاءَ وَيُطَلِّقَ الْأُخْرَى» فَدَلَّ مَا وَصَفْت عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ كُلُّ عَقْدِ نِكَاحٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عِنْدَهُمْ نِكَاحًا إذَا كَانَ يَجُوزُ مُبْتَدَؤُهُ فِي الْإِسْلاَمِ بِحَالٍ وَأَنَّ فِي الْعَقْدِ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَقْدُ الْفَائِتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْآخَرُ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَبْقَى بِالْعَقْدِ فَالْفَائِتُ لاَ يُرَدُّ إذَا كَانَ الْبَاقِي بِالْفَائِتِ يَصْلُحُ بِحَالٍ وَكَانَ ذَلِكَ كَحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الرِّبَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏}‏ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ إذَا أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَمْسَكَ الْأَوَائِلَ لِأَنَّ عَقْدَهُنَّ صَحِيحٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَقْدِ الْجَاهِلِيَّةِ صَحِيحٌ لِمُسْلِمٍ لِأَنَّهُ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَلَكِنَّهُ كَمَا وَصَفْت مَعْفُوٌّ لَهُمْ عَنْهُ كَمَا عُفِيَ عَمَّا مَضَى مِنْ الرِّبَا فَسَوَاءٌ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ لاَ يَخْتَلِفُ فَكَانَ فِي أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِرَدِّ مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا قُبِضَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يُرَدُّ لِأَنَّهُ تَمَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَّ مَا عُقِدَ وَلَمْ يَتِمَّ بِالْقَبْضِ حَتَّى جَاءَ الْإِسْلاَمُ يُرَدُّ فَكَذَلِكَ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمَامِ الْعَقْدِ عِنْدَهُمْ وَإِنْ كَانَ لاَ يَصْلُحُ أَنْ يُعْقَدَ مِثْلُهُ فِي الْإِسْلاَمِ بِحَالٍ فَإِذَا كَانَ يَصْلُحُ أَنْ يُعْقَدَ نِكَاحُ الْمَنْكُوحَةِ فِي الْإِسْلاَمِ بِحَالٍ تَمَّتْ وَأَمَرَ أَنْ يُمْسِكَ بِالْعَقْدِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَإِذَا كَانَ لاَ يَصْلُحُ أَنْ يُبْتَدَأَ فِي الْإِسْلاَمِ بِحَالٍ كَانَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا لِأَنَّهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ لاَ يَجُوزُ كَمَا لاَ يَجُوزُ أَخْذُ الرِّبَا فِي الْإِسْلاَمِ لِأَنَّهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ لَمْ تَفُتْ‏.‏

نِكَاحُ الْمُشْرِكِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ فَأَيُّ مُشْرِكٍ عَقَدَ فِي الشِّرْكِ نِكَاحًا بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ الْعَقْدُ وَأَيِّ امْرَأَةٍ كَانَتْ الْمَنْكُوحَةُ فَأَسْلَمَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلاَمِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَالْمَرْأَةُ فِي عِدَّتِهَا حَتَّى لاَ تَكُونَ الْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةً إلَّا وَهُمَا مُسْلِمَانِ فَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلزَّوْجِ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا سَاعَةً اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُمَا بِحَالٍ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَلاَ يَكُونُ لِلزَّوْجِ فَسْخُهُ إلَّا بِإِحْدَاثِ طَلاَقٍ وَإِنْ كَانَ لاَ يَصْلُحُ لِلزَّوْجِ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا حِينَ يَجْتَمِعُ إسْلاَمُهُمَا بِحَالٍ فَالنِّكَاحُ فِي الشِّرْكِ مُنْفَسِخٌ فَلَوْ جَاءَتْ عَلَيْهَا بَعْدَ اجْتِمَاعِ إسْلاَمِهِمَا مُدَّةً يَحِلُّ بِهَا ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا لَمْ يَحِلَّ نِكَاحُ الشِّرْكِ وَيَحِلُّ بِابْتِدَاءِ نِكَاحٍ غَيْرِهِ فِي الْإِسْلاَمِ إلَّا مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْ النِّسَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَعْنًى غَيْرَ هَذَا وَلاَ يُنْظَرُ إلَى عَقْدِهِ فِي الشِّرْكِ بِوَلِيٍّ أَوْ غَيْرِ وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ أَوْ غَيْرِ شُهُودٍ وَبِأَيِّ حَالٍ كَانَ يَفْسُدُ فِيهَا فِي الْإِسْلاَمِ أَوْ نِكَاحٍ مُحَرَّمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا عُقِدَ إلَى غَيْرِ مُدَّةٍ تَنْقَطِعُ بِغَيْرِ الْمَوْتِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا نِكَاحُ الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ وَالْمُوَادِعِ وَكَذَلِكَ هُمْ سَوَاءٌ فِي الْمُهُورِ وَالطَّلاَقِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلاَءِ وَيَخْتَلِفُ الْمُعَاهِدُ وَغَيْرُهُ فِي أَشْيَاءَ نُبَيِّنُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

تَفْرِيعٌ نِكَاحُ أَهْلِ الشِّرْكِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ فَإِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فِي عِدَّتِهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ مُشْرِكَيْنِ فَأَنْظُرُ إذَا اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُمَا فَإِنْ كَانَتْ خَارِجَةً مِنْ الْعِدَّةِ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لَهُ حِينَئِذٍ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعِدَّةِ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْكِحَهُ وَلاَ غَيْرَهُ حَتَّى تُكْمِلَ الْعِدَّةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَهَا فَإِنْ كَانَ أَصَابَهَا فِي الْعِدَّةِ أَكْمَلَتْ الْعِدَّةَ مِنْهُ وَتَدْخُلُ فِيهَا الْعِدَّةُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَجْتَمِعْ إسْلاَمُهُمَا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ أُثْبِتُ النِّكَاحَ وَلَمْ أَرُدَّهُ بِالْعِدَّةِ كَمَا أَرُدُّهُ فِي الْإِسْلاَمِ بِالْعِدَّةِ مَكَانَهُ وَبَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَلَوْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُ الْأَزْوَاجِ وَعِنْدَهُ أَرْبَعُ إمَاءٍ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَنِكَاحُهُنَّ كُلُّهُنَّ مُنْفَسِخٌ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا لاَ يَخَافُ الْعَنَتَ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لاَ يَجِدُ مَا يَنْكِحُ بِهِ حُرَّةً وَيَخَافُ الْعَنَتَ أَمْسَكَ أَيَّتَهنَّ شَاءَ وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْبَوَاقِي وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُنَّ بَعْدَهُ فَسَوَاءٌ يَنْتَظِرُ إسْلاَمَ الْبَوَاقِي فَمَنْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُ الزَّوْجِ قَبْلَ مُضِيِّ عِدَّةِ الْمُسْلِمَةِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِيهِ‏.‏

وَلَوْ أَسْلَمَ رَجُلٌ وَعِنْدَهُ أُمٌّ وَابْنَتُهَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَنِكَاحُهُمَا عَلَيْهِ مُحَرَّمٌ عَلَى الْأَبَدِ إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُمِّ فَالْبِنْتُ رَبِيبَتُهُ مِنْ امْرَأَةٍ قَدْ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْبِنْتِ فَالْأُمُّ أُمُّ امْرَأَةٍ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَانَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْبِنْتَ إنْ شَاءَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْأُمَّ أَوَّلاً كَانَتْ أَوْ آخِرًا إذَا ثَبَتَ لَهُ الْعَقْدَانِ فِي الشِّرْكِ إذَا جَازَ أَحَدُهُمَا فِي الْإِسْلاَمِ بِحَالٍ جَازَ نِكَاحُ الْبِنْتِ بَعْدَ الْأُمِّ إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِالْأُمِّ وَلاَ يَجُوزُ نِكَاحُ الْأُمِّ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْبِنْتِ لِأَنَّهَا مُبْهَمَةٌ‏.‏

وَلَوْ أَسْلَمَ رَجُلٌ وَعِنْدَهُ أُمٌّ وَابْنَتُهَا قَدْ وَطِئَهُمَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ حُرِّمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهُمَا إلَى الْأَبَدِ‏.‏ وَلَوْ كَانَ وَطِئَ الْأُمَّ حُرِّمَ عَلَيْهِ وَطْءُ الْبِنْتِ، وَلَوْ كَانَ وَطِئَ الْبِنْتَ حُرِّمَ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأُمِّ وَيُمْسِكُهُنَّ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ فُرُوجُهُنَّ أَوْ فَرْجُ مَنْ حُرِّمَ فَرْجُهُ مِنْهُنَّ‏.‏

وَلَوْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ وَعَمَّتُهَا أَوْ امْرَأَةٌ وَخَالَتُهَا قَدْ دَخَلَ بِهِمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِالْأُخْرَى كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءً وَيُمْسِكُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ وَيُفَارِقُ الْأُخْرَى وَلاَ يُكْرَهُ مِنْ هَاتَيْنِ إلَّا مَا يُكْرَهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَلاَلٌ عَلَى الِانْفِرَادِ بَعْدَ صَاحِبَتِهَا وَهَكَذَا الْأُخْتَانِ إذَا أَسْلَمَ وَهُمَا عِنْدَهُ لاَ يُخَالِفَانِ الْمَرْأَةَ وَعَمَّتَهَا وَالْمَرْأَةَ وَخَالَتَهَا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أَمَةٌ وَحُرَّةٌ أَوْ إمَاءٌ وَحُرَّةٌ فَاجْتَمَعَ إسْلاَمُهُنَّ فِي الْعِدَّةِ فَنِكَاحُ الْإِمَاءِ مَفْسُوخٌ وَالْحُرَّةِ ثَابِتٌ مُعْسِرًا يَخَافُ الْعَنَتَ كَانَ أَوْ غَيْرَ مُعْسِرٍ وَلاَ بِخَائِفٍ لِلْعَنَتِ لِأَنَّ عِنْدَهُ حُرَّةً فَلاَ يَكُونُ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِ أَمَةٍ بِحَالٍ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَطَلَّقَ الْحُرَّةَ قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ أَوْ بَعْدَمَا أَسْلَمَتْ وَقَدْ أَسْلَمَ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ ثَلاَثًا وَكَانَ مُعْسِرًا يَخَافُ الْعَنَتَ ثُمَّ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُ الْإِمَاءِ وُقِفَ نِكَاحُهُنَّ فَإِنْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُ الْحُرَّةِ فِي عِدَّتِهَا فَنِكَاحُ الْإِمَاءِ مَفْسُوخٌ وَالْحُرَّةُ طَالِقٌ ثَلاَثًا لِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهَا زَوْجَةٌ وَلَهَا الْمَهْرُ الَّذِي سُمِّيَ لَهَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَلاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ إسْلاَمُهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَنِكَاحُ الْحُرَّةِ مَفْسُوخٌ بِغَيْرِ طَلاَقٍ وَالطَّلاَقُ غَيْرُ وَاقِعٍ عَلَيْهَا لِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا إذَا مَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَ إسْلاَمُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَ غَيْرَ زَوْجَةٍ وَيَخْتَارُ مِنْ الْإِمَاءِ وَاحِدَةً إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَ أَمَةٍ فَإِذَا اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُهُنَّ وَهُوَ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَ أَمَةٍ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ مَعًا‏.‏

وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ إمَاءٌ أَوْ أَمَةٌ فَأَسْلَمَ وَهُوَ مِمَّنْ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَ أَمَةٍ فَاجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُ الْأَمَةِ فِي حَالٍ يَكُونُ لَهُ فِيهَا ابْتِدَاءُ نِكَاحِ أَمَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ مِنْ الْإِمَاءِ اللَّاتِي اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُنَّ وَإِسْلاَمُهُ وَلَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُنَّ قَبْلَ بَعْضٍ وَأَيْسَرَ بَعْدَ عُسْرٍ بِحُرَّةٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ إمْسَاكُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِأَنِّي أَنْظُرُ إلَى حَالِهِ حِينَ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُهُنَّ، وَإِنْ اخْتَلَفَ وَقْتُ إسْلاَمِهِنَّ فَأَيَّهُنَّ كَانَ إسْلاَمُهُ وَهُوَ يَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ وَاحِدَةً مِنْ الْإِمَاءِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ وَاحِدَةً مِنْ اللَّاتِي أَسْلَمْنَ وَهُوَ لاَ يَحِلُّ لَهُ إمْسَاكُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَإِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ وَحَرَائِرُ أَوْ حَرَائِرُ وَإِمَاءٌ وَهُوَ مِمَّنْ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً فَاجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُ أَمَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْإِمَاءِ وُقِفَ عَنْهُنَّ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ حُرَّةٌ فِي عِدَّتِهَا فَقَدْ انْفَسَخَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ كُلِّهِنَّ اللَّاتِي أَسْلَمْنَ وَتَخَلَّفْنَ وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْحَرَائِرِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَدُهُنَّ اخْتَارَ مِنْ الْإِمَاءِ وَاحِدَةً إنْ كُنَّ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَثَبَتَتْ عِنْدَهُ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهَا وَلَوْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُ أَمَةٍ أَوْ إمَاءٍ فَعَتَقْنَ بَعْدَ اجْتِمَاعِ إسْلاَمِهِ وَإِسْلاَمِ حُرَّةٍ وَقَفْنَاهُنَّ فَإِنْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ فِي الْعِدَّةِ فَنِكَاحُهُنَّ مُنْفَسِخٌ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُ حُرَّةٍ فِي عِدَّةٍ اخْتَارَ مِنْ الْإِمَاءِ وَاحِدَةً إذَا كَانَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ لِأَنِّي إنَّمَا أَنْظُرُ إلَى يَوْمِ يَجْتَمِعُ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُهَا فَإِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا جَعَلْت لَهُ إمْسَاكَهَا إنْ شَاءَ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لاَ يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا لَمْ أُثْبِتْ نِكَاحَهَا مَعَهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِمُدَّةٍ تَأْتِي بَعْدَهَا وَلَوْ عَتَقْنَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمْنَ كُنَّ كَمَنْ ابْتَدَأَ نِكَاحَهُ وَهُنَّ حَرَائِرُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمْنَ هُنَّ وَهُوَ كَافِرٌ فَلَمْ يَجْتَمِعْ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُهُنَّ حَتَّى يَعْتِقْنَ كَانَ كَمَنْ ابْتَدَأَ نِكَاحَهُ وَهُنَّ حَرَائِرُ‏.‏

وَلَوْ كَانَ عِنْدَ عَبْدٍ أَرْبَعُ إمَاءٍ فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ قِيلَ لَهُ أَمْسِكْ اثْنَتَيْنِ وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ حَرَائِرُ فَاجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُهُنَّ وَلَمْ تُرِدْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فِرَاقَهُ قِيلَ لَهُ أَمْسِكْ اثْنَتَيْنِ وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ، وَكَذَلِكَ إنْ كُنَّ إمَاءً وَحَرَائِرَ مُسْلِمَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ وَلَوْ كُنَّ إمَاءً فَعَتَقْنَ قَبْلَ إسْلاَمِهِ فَاخْتَرْنَ فِرَاقَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُنَّ لِأَنَّهُ يَكُونُ لَهُنَّ بَعْدَ إسْلاَمِهِ وَعِدَدُهُنَّ عِدَدُ حَرَائِرَ فَيُحْصِينَ مِنْ يَوْمِ اخْتَرْنَ فِرَاقَهُ فَإِذَا اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُهُنَّ فِي الْعِدَّةِ فَعِدَدُهُنَّ عِدَدُ حَرَائِرَ وَمِنْ يَوْمِ اخْتَرْنَ فِرَاقَهُ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُهُنَّ فِي الْعِدَّةِ فَعِدَدُهُنَّ عِدَدُ حَرَائِرَ مِنْ يَوْمِ أَسْلَمَ مُتَقَدِّمُ الْإِسْلاَمِ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْفَسْخَ كَانَ مِنْ يَوْمَئِذٍ إذَا لَمْ يَجْتَمِعْ إسْلاَمُهُمَا فِي الْعِدَّةِ وَعِدَدُهُنَّ عِدَدُ حَرَائِرَ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَنْقَضِ حَتَّى صِرْنَ حَرَائِرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اخْتَرْنَ فِرَاقَهُ وَلاَ الْمُقَامَ مَعَهُ خُيِّرْنَ إذَا اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُهُنَّ مَعًا‏.‏

وَإِنْ تَقَدَّمَ إسْلاَمُهُنَّ قَبْلَ إسْلاَمِهِ فَاخْتَرْنَ الْمُقَامَ مَعَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ خُيِّرْنَ حِينَ يُسْلِمُ وَكَانَ لَهُنَّ أَنْ يُفَارِقْنَهُ وَذَلِكَ أَنَّهُنَّ اخْتَرْنَ الْمُقَامَ مَعَهُ وَلاَ خِيَارَ لَهُنَّ إنَّمَا يَكُونُ لَهُنَّ الْخِيَارُ إذَا اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُنَّ وَإِسْلاَمُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُهُنَّ وَهُنَّ إمَاءٌ ثُمَّ عَتَقْنَ مِنْ سَاعَتِهِنَّ ثُمَّ اخْتَرْنَ فِرَاقَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُنَّ إذَا أَتَى عَلَيْهِنَّ أَقَلُّ أَوْقَاتِ الدُّنْيَا وَإِسْلاَمُهُنَّ وَإِسْلاَمُهُ مُجْتَمِعٌ‏.‏

وَلَوْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُنَّ وَإِسْلاَمُهُ وَعِتْقُهُنَّ وَعِتْقُهُ مَعًا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ خِيَارٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُنَّ وَإِسْلاَمُهُ فَعَتَقْنَ فَلَمْ يَخْتَرْنَ حَتَّى يَعْتِقَ الزَّوْجُ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ خِيَارٌ‏.‏

وَلَوْ كَانَ عِنْدَ عَبْدٍ أَرْبَعُ حَرَائِرَ فَاجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُ الْأَرْبَعِ مَعًا كَأَنَّهُنَّ أَسْلَمْنَ مَعَهُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مُتَفَرِّقَاتٍ ثُمَّ عَتَقْنَ قِيلَ لَهُ اخْتَرْ اثْنَتَيْنِ وَفَارِقْ اثْنَتَيْنِ، وَسَوَاءٌ أَعْتَقَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَ مَا تَنْقَضِي عِدَدُهُنَّ لِأَنَّهُ كَانَ يَوْمَ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُهُنَّ مَمْلُوكًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجَاوِزَ اثْنَتَيْنِ‏:‏ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُ اثْنَتَيْنِ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الِاثْنَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ إلَّا اثْنَتَيْنِ، أَيَّ الِاثْنَتَيْنِ شَاءَ، اللَّتَيْنِ أَسْلَمَتَا أَوَّلاً أَوْ آخِرًا لِأَنَّهُ عَقْدٌ فِي الْعُبُودِيَّةِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ عَقْدُ الْعُبُودِيَّةِ مَعَ اجْتِمَاعِ إسْلاَمِهِ وَإِسْلاَمِ أَزْوَاجِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ فَلاَ يَثْبُتُ لَهُ بِعَقْدِ الْعُبُودِيَّةِ إلَّا اثْنَتَانِ، وَإِذَا اخْتَارَ اثْنَتَيْنِ فَهُوَ تَرْكٌ لِلِاثْنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ اخْتَارَ غَيْرَهُمَا وَلَهُ أَنْ يَنْكِحَهُمَا مَكَانَهُ إنْ شَاءَتَا وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ بَعْدَ إذْ صَارَ حُرًّا فَلَهُ فِي الْحُرِّيَّةِ الْجَمْعُ بَيْنَ أَرْبَعٍ‏.‏

وَإِذَا نَكَحَ الْمَمْلُوكُ الْمَمْلُوكَةَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَعْتَقَ فَمَلَكَهَا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ أَعْتَقَتْ فَمَلَكَتْهُ أَوْ بَعْضَهُ ثُمَّ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُمَا مَعًا فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ أَقَامَ فِي الْكُفْرِ عَلَى النِّكَاحِ فَلاَ نِكَاحَ بَيْنَهُمَا‏.‏

وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ فِي الشِّرْكِ فَأَصَابَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْمَرْأَةِ أَوْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الزَّوْجِ فَسَوَاءٌ وَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْعِدَّةِ فَإِذَا أَسْلَمَ الْمُتَأَخِّرُ الْإِسْلاَمِ مِنْهُمَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمَرْأَةِ وَالنِّكَاحُ مِمَّا يَصْلُحُ ابْتِدَاؤُهُ فِي الْإِسْلاَمِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِنَّ مَنْ لاَ يَصْلُحُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ، وَهَكَذَا إنْ كُنَّ حَرَائِرَ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى أَرْبَعٍ وَلاَ يُقَالُ لِلزَّوْجِ اخْتَرْ وَهُنَّ أَزْوَاجُهُ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ مَاتَ وَرِثْنَهُ وَإِنْ مُتْنَ وَرِثَهُنَّ فَإِنْ قَالَ قَدْ فَسَخْت نِكَاحَهُنَّ أَوْ نِكَاحَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وُقِفَ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت إيقَاعَ طَلاَقٍ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ وَهُوَ مَا أَرَادَ مِنْ عَدَدِ الطَّلاَقِ، وَإِنْ قَالَ عَنَيْت أَنَّ نِكَاحَهُنَّ كَانَ فَاسِدًا لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا وَيَحْلِفُ مَا كَانَتْ إرَادَتُهُ إحْدَاثَ طَلاَقٍ وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فِي الْعِدَّةِ فَقَالَ قَدْ اخْتَرْت حَبْسَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ أُخْرَى فَقَالَ قَدْ اخْتَرْت حَبْسَهَا حَتَّى يَقُولَ ذَلِكَ فِي أَرْبَعٍ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَثَبَتَ نِكَاحُهُنَّ بِاخْتِيَارِهِ لَهُنَّ وَكَانَ نِكَاحُ الزَّوَائِدِ عَلَى الْأَرْبَعِ مُنْفَسِخًا وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ قَدْ اخْتَرْت فَسْخَ نِكَاحِهَا وُقِفَ فَسْخُهُ فَإِنْ أَسْلَمْنَ مَعًا أَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ هَذَا شَيْئًا حَتَّى أَسْلَمْنَ مَعًا أَوْ بَعْضُهُنَّ قَبْلَ بَعْضٍ غَيْرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَسْلَمَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا خُيِّرَ فَقِيلَ أَمْسِكْ أَرْبَعًا أَيَّتَهُنَّ شِئْت وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ لِأَنَّ اخْتِيَارَك فَسْخٌ لِمَنْ فَسَخْت وَلَمْ يَكُنْ لَك فَسْخُهُنَّ إلَّا بِأَنْ تُرِيدَ طَلاَقًا وَلاَ عَلَيْك فَسْخُ نِكَاحِهِنَّ فَإِذَا أَمْسَكَ أَرْبَعًا فَقَدْ انْفَسَخَ نِكَاحُ مَنْ زَادَ عَلَيْهِنَّ بِلاَ طَلاَقٍ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُفَارِقَ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ فَلاَ يَكُونُ طَلاَقًا مَا جُبِرَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَثْبَتْنَا لَهُ الْعَقْدَ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنَّ السُّنَّةَ جَعَلَتْ لَهُ الْخِيَارَ فِي إمْسَاكِ أَيَّتَهُنَّ شَاءَ فَاتَّبَعْنَا السُّنَّةَ قَالَ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَقُولَ قَدْ أَمْسَكْت فُلاَنَةَ أَوْ قَدْ أَمْسَكْت بِعَقْدِ فُلاَنَةَ أَوْ قَدْ أُثْبِت عَقْدَ فُلاَنَةَ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا فَإِذَا قَالَ هَذَا فِي أَرْبَعٍ انْفَسَخَ عَقْدُ مَنْ زَادَ عَلَيْهِنَّ، وَلَوْ قَالَ رَجَعْت فِيمَنْ اخْتَرْت إمْسَاكَهُ مِنْهُنَّ وَاخْتَرْت الْبَوَاقِيَ كَانَ الْبَوَاقِي بَرَاءً مِنْهُ لاَ سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِنَّ إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَوَقَّفْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ‏:‏ رَجَعْت فِيمَنْ اخْتَرْت فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِهِ طَلاَقًا فَهُوَ طَلاَقٌ وَهُوَ مَا أَرَادَ مِنْ عَدَدِ الطَّلاَقِ وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ طَلاَقًا أَرَدْت أَنِّي رَأَيْت الْخِيَارَ لِي أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ حَلَفَ مَا أَرَادَ بِهِ طَلاَقًا وَلَمْ يَكُنْ طَلاَقًا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَعَلَى اللَّاتِي فُسِخَ نِكَاحُهُنَّ بِاخْتِيَارِ غَيْرِهِنَّ عِدَّةٌ مُسْتَقْبِلَةٌ مِنْ يَوْمِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ لِأَنَّهُنَّ مَدْخُولٌ بِهِنَّ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ، وَإِنْ قَالَ مَا أَرَدْت بِقَوْلِي قَدْ أُثْبِت عَقْدَ فُلاَنَةَ وَاَللَّاتِي قَالَ ذَلِكَ لَهُنَّ مَعًا أَوْ اخْتَرْت فُلاَنَةَ أَوْ مَا قَالَهُ مِمَّا يُشْبِهُ هَذَا الْكَلاَمَ إثْبَاتُ عَقْدِهِنَّ دُونَ الْبَوَاقِي انْفَسَخَ عَقْدُ الْبَوَاقِي فِي الْحُكْمِ وَلَمْ يَدِنَّ فِيهِ وَيُثْبِتُ عَقْدَ اللَّوَاتِي أَظْهَرَ اخْتِيَارَهُنَّ وَوُسْعُهُ إصَابَتُهُنَّ لِأَنَّ نِكَاحَهُنَّ ثَابِتٌ لاَ يَزُولُ إلَّا بِأَنْ يَفْسَخَهُ وَهُوَ لَمْ يَفْسَخْهُ إنَّمَا يَفْسَخُهُ اخْتِيَارُ غَيْرِهِنَّ وَهُوَ لَمْ يَخْتَرْ غَيْرَهُنَّ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُحْدِثَ لَهُنَّ اخْتِيَارًا فَيَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا لِلْبَوَاقِي اللَّاتِي فَسَخَ عَقْدَهُنَّ فِي الْحُكْمِ وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَسَعُهُ حَبْسُ اللَّاتِي فَسَخْنَاهُنَّ عَلَيْهِ بِأَنْ يُحْدِثَ لَهُنَّ اخْتِيَارًا أَوْ يَفْسَخَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نِكَاحَ اللَّاتِي حَكَمْنَا لَهُ بِهِنَّ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَالْحُكْمُ كَمَا وَصَفْت فَلَوْ اخْتَارَ أَرْبَعًا ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ اخْتِيَارَهُنَّ وَقَدْ اخْتَرْت الْأَرْبَعَ الْبَوَاقِيَ أَلْزَمْنَاهُ الْأَرْبَعَ اللَّاتِي اخْتَارَ أَوَّلاً وَجَعَلْنَا اخْتِيَارَهُ الْآخَرَ بَاطِلاً كَمَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً فَقَالَ مَا أَرَدْت بِنِكَاحِهَا عَقْدَ نِكَاحٍ أَلْزَمْنَاهُ إيَّاهُ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ أَبْيَنُ أَنَّهُ لَهُ حَلاَلٌ مِنْ الْمَرْأَةِ يَبْتَدِئُ نِكَاحَهَا لِأَنَّ نِكَاحَهُنَّ ثَابِتٌ إلَّا بِأَنْ يَفْسَخَهُ وَهُوَ لَمْ يَفْسَخْهُ‏.‏

قَالَ وَلَوْ أَسْلَمَ وَثَمَانِ نِسْوَةٍ لَهُ فَقَالَ قَدْ فَسَخْت عَقْدَ أَرْبَعٍ بِأَعْيَانِهِنَّ ثَبَتَ عَقْدُ اللَّاتِي لَمْ يَفْسَخْ عَقْدَهُنَّ، وَلَمْ أَحْتَجْ إلَى أَنْ يَقُولَ قَدْ أُثْبِتُ عَقْدَ الْبَوَاقِي وَلاَ اخْتَرْت الْبَوَاقِيَ كَمَا لاَ أَحْتَاجُ إذَا كُنَّ أَرْبَعًا فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ إلَى أَنْ يَقُولَ قَدْ أُثْبِت عَقْدَهُنَّ وَهُنَّ ثَوَابِتُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَاجْتِمَاعُ إسْلاَمِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْعِدَّةِ‏.‏

قَالَ وَإِذَا أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ أُخْتَانِ وَامْرَأَةٌ وَعَمَّتُهَا قِيلَ لَهُ أَمْسِكْ أَيَّ الْأُخْتَيْنِ شِئْت وَإِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ بِنْتُ الْأَخِ أَوْ الْعَمَّةُ وَفَارَقَ اثْنَتَيْنِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ سِوَاهُنَّ قِيلَ لَهُ أَمْسِكْ أَرْبَعًا لَيْسَ لَك أَنْ يَكُونَ فِيهِنَّ أُخْتَانِ مَعًا أَوْ الْمَرْأَةُ وَعَمَّتُهَا مَعًا‏.‏

قَالَ وَلَوْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ حَرَائِرُ يَهُودِيَّاتٌ أَوْ نَصْرَانِيَّاتٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ كُنَّ كَالْحَرَائِرِ الْمُسْلِمَاتِ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَهُنَّ كُلَّهُنَّ، وَلَوْ كُنَّ يَهُودِيَّاتٍ أَوْ نَصْرَانِيَّاتٍ مِنْ غَيْرِ بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ الْعَجَمِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ كُلُّهُنَّ وَكُنَّ كَالْمُشْرِكَاتِ الْوَثَنِيَّاتِ إلَّا أَنْ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ وَلَوْ كُنَّ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ يَدِنَّ غَيْرَ دِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ عِبَادَةِ وَثَنٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ إمْسَاكُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهِنَّ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ كُنَّ إمَاءً يَهُودِيَّاتٍ أَوْ نَصْرَانِيَّاتٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ لِأَنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَهُنَّ فِي الْإِسْلاَمِ‏.‏

قَالَ وَلَوْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ حَرَائِرُ يَهُودِيَّاتٌ أَوْ نَصْرَانِيَّاتٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ كُنَّ كَالْحَرَائِرِ الْمُسْلِمَاتِ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَهُنَّ كُلَّهُنَّ، وَلَوْ كُنَّ يَهُودِيَّاتٍ أَوْ نَصْرَانِيَّاتٍ مِنْ غَيْرِ بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ الْعَجَمِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ كُلُّهُنَّ وَكُنَّ كَالْمُشْرِكَاتِ الْوَثَنِيَّاتِ إلَّا أَنْ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ وَلَوْ كُنَّ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ يَدِنَّ غَيْرَ دِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ عِبَادَةِ وَثَنٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ إمْسَاكُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهِنَّ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ كُنَّ إمَاءً يَهُودِيَّاتٍ أَوْ نَصْرَانِيَّاتٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ لِأَنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَهُنَّ فِي الْإِسْلاَمِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ أَسْلَمَ رَجُلٌ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ قَدْ أَصَابَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَلَمْ يُصِبْ أَرْبَعًا وَأَسْلَمْنَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ غَيْرَ أَنَّ إسْلاَمَ اللَّاتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ كُلِّهِنَّ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَالْعِصْمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّاتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ مُنْقَطِعَةٌ وَنِكَاحُ اللَّاتِي دَخَلَ بِهِنَّ ثَابِتٌ وَهُوَ كَرَجُلٍ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ لَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُهُنَّ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَأَسْلَمْنَ قَبْلَهُ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهُنَّ ثُمَّ أَصَابَ وَاحِدَةً مِنْ اللَّاتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ كَانَتْ إصَابَتُهُ إيَّاهَا مُحَرَّمَةً وَعَلَيْهِ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لِلشُّبْهَةِ وَذَلِكَ أَنَّهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا وَكَانَ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَرْبَعٌ سِوَاهَا وَلاَ مَنْ يَحْرُمُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وَلَهَا عَلَيْهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا بِالْإِصَابَةِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَالْوَلَدُ لاَحِقٌ إنْ كَانَ وَلَدٌ وَلاَ حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلشُّبْهَةِ‏.‏

تَرْكُ الِاخْتِيَارِ وَالْفِدْيَةُ فِيهِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ وَعِنْدَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَوْ أَكْثَرُ فَأَسْلَمَ بَعْضُهُنَّ فَسَأَلَ أَنْ يُخَيَّرَ فِيهِنَّ وَفِي الْبَوَاقِي لَمْ نَقِفْهُ فِي التَّخْيِيرِ حَتَّى يُسْلِمَ الْبَوَاقِي فِي عِدَدِهِنَّ أَوْ تَنْقَضِيَ عِدَدُهُنَّ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمْنَ ثُمَّ يُخَيَّرُ إذَا اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِيهِنَّ وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ إمْسَاكُ أَرْبَعٍ مِنْ اللَّاتِي أَسْلَمْنَ فَيَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا لِنِكَاحِ الْبَوَاقِي الْمُتَخَلِّفَاتِ عَنْ الْإِسْلاَمِ أَسْلَمْنَ أَوْ لَمْ يُسْلِمْنَ، وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَارَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ يَنْتَظِرُ مَنْ بَقِيَ وَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَنْ بَقِيَ حَتَّى يُكْمِلَ أَرْبَعًا، وَإِنْ كُنَّ ثَمَانِيًا فَأَسْلَمَ أَرْبَعٌ فَقَالَ قَدْ اخْتَرْت فَسْخَ نِكَاحِهِنَّ وَحَبَسَ الْبَوَاقِيَ غَيْرَهُنَّ وَقَفْت الْفَسْخَ فَإِنْ أَسْلَمَ الْأَرْبَعُ الْبَوَاقِي فِي عِدَدِهِنَّ فَعَقْدُ الْأَوَائِلِ مُنْفَسِخٌ بِالْفَسْخِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ مَضَتْ عِدَدُهُنَّ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمْنَ فَهِيَ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ إيقَاعَ طَلاَقٍ فَهُوَ طَلاَقٌ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ إيقَاعَ طَلاَقٍ حَلَفَ وَكُنَّ نِسَاءَهُ‏.‏

وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمْنَ فَقِيلَ لَهُ اخْتَرْ فَقَالَ لاَ اخْتَارَ حُبِسَ حَتَّى يَخْتَارَ وَأُنْفِقَ عَلَيْهِنَّ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ مَانِعٌ لَهُنَّ بِعَقْدٍ مُتَقَدِّمٍ وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ كَمَا يُطَلِّقُ عَلَى الْمَوْلَى فَإِنْ امْتَنَعَ مَعَ الْحَبْسِ أَنْ يَخْتَارَ عُزِّرَ وَحُبِسَ أَبَدًا حَتَّى يَخْتَارَ وَلَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ فِي حَبْسِهِ خُلِّيَ وَأُنْفِقَ عَلَيْهِنَّ مِنْ مَالِهِ حَتَّى يُفِيقَ فَيَخْتَارَ أَوْ يَمُوتَ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُوقَفْ لِيَخْتَارَ حَتَّى يَذْهَبَ عَقْلُهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ أَمَرْنَاهُنَّ مَعًا أَنْ يَعْتَدِدْنَ الْآخَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَوْ ثَلاَثَ حِيَضٍ لِأَنَّ فِيهِنَّ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ مُتَوَفَّى عَنْهُنَّ وَأَرْبَعَ مُنْفَسِخَاتِ النِّكَاحِ وَلاَ نَعْرِفُهُنَّ بِأَعْيَانِهِنَّ‏.‏ قَالَ وَيُوقَفُ لَهُنَّ مِيرَاثُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ حَتَّى يَصْطَلِحَ فِيهِ فَإِنْ رَضِيَ بَعْضُهُنَّ بِالصُّلْحِ وَلَمْ يَرْضَ بَعْضُهُنَّ فَكَانَ اللَّاتِي رَضِينَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ أَرْبَعًا لَمْ نُعْطِهِنَّ شَيْئًا لِأَنَّهُنَّ لَوْ رَضِينَ فَأَعْطَيْنَاهُنَّ نِصْفَ الْمِيرَاثِ أَوْ أَقَلَّ احْتَمَلْنَ أَنْ يَكُنْ اللَّاتِي لاَ شَيْءَ لَهُنَّ فَإِنْ رَضِيَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ بِالصُّلْحِ فَقُلْنَ الْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ لِوَاحِدَةٍ مِنَّا رُبُعَ الْمِيرَاثِ فَأَعْطِنَا رُبُعَ مِيرَاثِ امْرَأَةٍ لَمْ أُعْطِهِنَّ شَيْئًا حَتَّى يُقْرِرْنَ مَعًا أَنْ لاَ حَقَّ لَهُنَّ فِي الثَّلاَثَةِ الْأَرْبَاعِ الْبَاقِيَةِ مِنْ مِيرَاثِ امْرَأَةٍ‏.‏ فَإِذَا فَعَلْنَ أَعْطَيْتهنَّ رُبُعَ مِيرَاثِ امْرَأَةٍ وَدَفَعْت ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِ مِيرَاثِ امْرَأَةٍ إلَى الثَّلاَثِ الْبَوَاقِي سَوَاءً بَيْنَهُنَّ فَإِنْ كُنَّ اللَّاتِي رَضِينَ سِتًّا فَرَضِينَ بِالنِّصْفِ أَعْطَيْتهنَّ إيَّاهُ، وَإِنْ كُنَّ سَبْعًا فَرَضِينَ بِالثَّلاَثَةِ الْأَرْبَاعِ أَعْطَيْتهنَّ إيَّاهُ وَأَعْطَيْت الرُّبُعَ الْبَاقِيَةَ وَإِنَّمَا قُلْت لاَ أُعْطِي وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِالصُّلْحِ شَيْئًا حَتَّى يَرْضَيْنَ فِيمَا وَصَفْت أَنِّي أَعْطَيْتهنَّ فِيهِ أَنْ يَقْطَعْنَ حُقُوقَهُنَّ مِنْ الْبَاقِي أَنِّي إذَا أَعْطَيْتهنَّ حُقُوقَهُنَّ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى الثَّلاَثَةِ الْأَرْبَاعِ كُنْت إذَا وَقَفْت الرُّبُعَ لِوَاحِدَةٍ أَعْطَيْتهنَّ وَمَنَعْتهَا وَلَمْ تَطِبْ لَهُنَّ نَفْسًا وَإِنْ أَعْطَيْتهَا الرُّبُعَ أَعْطَيْتهَا مَا أَخَذَتْ امْرَأَتَانِ بِلاَ تَسْلِيمٍ مِنْهُنَّ ذَلِكَ لَهَا وَأَكْثَرُ حَالِهَا أَنْ يَكُونَ لَهَا حَظُّ امْرَأَةٍ وَقَدْ لاَ يَكُونُ لَهَا شَيْءٌ وَإِذَا قَطَعْنَ حُقُوقَهُنَّ عَنْ الْبَاقِي فَلَمْ أُعْطِهَا إلَّا مَا يَجُوزُ لِي أَنْ أُعْطِيَهَا إيَّاهُ إمَّا حَقٌّ لَهَا وَإِمَّا حَقٌّ لَهُنَّ تَرَكْته لَهَا أَوْ لِبَعْضِهِنَّ تَرَكْته لَهَا، قَالَ وَيَنْبَغِي أَنَّ لِأَبِي الصَّبِيَّةِ وَوَلِيِّ الْيَتِيمَةِ أَنْ يَأْخُذَ لَهَا نِصْفَ مِيرَاثِ امْرَأَةٍ إنْ صُولِحَ عَلَيْهِ فَأَكْثَرَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَهَا بَيِّنَةً تَقُومُ وَلاَ يَأْخُذُ لَهَا أَقَلَّ وَإِنْ كُنَّ هُنَّ الْمَيِّتَاتُ أَوْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَهُوَ الْبَاقِي قِيلَ لَهُ افْسَخْ نِكَاحَ أَيَّتِهِنَّ شِئْت وَخُذْ مِيرَاثَ اللَّاتِي لَمْ تَفْسَخْ نِكَاحَهُنَّ وَيُوقَفُ لَهُ إيرَاثُ زَوْجٍ كُلَّمَا مَاتَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ حَتَّى يَخْتَارَ أَرْبَعًا فَيَأْخُذَ مَوَارِيثَهُنَّ، وَإِذَا ادَّعَى بَعْضُهُنَّ أَوْ وَرَثَةُ بَعْضِهِنَّ بَعْدَ مَوْتِهَا أَنَّهُ فَسَخَ نِكَاحَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أُحْلِفَ مَا فَعَلَ وَأَخَذَ مِيرَاثَهَا‏.‏

مَنْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ مِنْ قَبْلَ الْعَقْدِ وَمَنْ لاَ يَنْفَسِخُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَلَوْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ عَقَدَ نِكَاحَهَا غَيْرَ مُطَلِّقٍ وَأَسْلَمَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى نِكَاحِهَا لِأَنَّهَا لَمْ يُعْقَدْ عَلَيْهَا عَقْدُ نِكَاحٍ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ نِكَاحُهَا مُتْعَةً وَالنَّاكِحُ مُتْعَةً لَمْ يَمْلِكْ أَمْرًا لِامْرَأَةٍ عَلَى الْأَبَدِ إنَّمَا مَلَكَهَا مُدَّةً دُونَ مُدَّةٍ أَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنَّهَا بِالْخِيَارِ أَوْ أَنَّ رَجُلاً أَوْ امْرَأَةً غَيْرَهَا بِالْخِيَارِ أَوْ أَنَّهُ هُوَ بِالْخِيَارِ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي مَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ أَمْرَهَا بِالْعَقْدِ مُطْلَقًا وَلَوْ أَبْطَلَتْ النَّاكِحَةُ مُتْعَةً شَرَطَهَا عَلَى الزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَكُنْ امْرَأَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ لَهَا عَلَى الْأَبَدِ وَلَمْ يَكُنْ شَرْطُهُ عَلَيْهَا فِي الْعَقْدِ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ هِيَ وَهُوَ فَأَبْطَلاَ الشَّرْطَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَا مَعًا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ إلَّا أَنْ يَبْتَدِئَا نِكَاحًا فِي الشِّرْكِ غَيْرَهُ قَالَ وَهَكَذَا كُلُّ مَا ذَكَرْت مَعَهُ مِنْ شَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لَهَا أَوْ لَهُمَا مَعًا أَوْ لِغَيْرِهِمَا مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَهُمَا لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ مُطْلَقًا إذَا أَبْطَلاَهُ وَإِذَا لَمْ يُبْطِلاَهُ لَمْ يَثْبُتْ وَلاَ يُخَالِفُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ فِي شَيْءٍ وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً نَكَحَ امْرَأَةً فِي الشِّرْكِ بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ مُحَرَّمٍ لَهَا فَأَسْلَمَا أَوْ أَيُّ نِكَاحٍ أَفْسَدْنَاهُ فِي الْإِسْلاَمِ بِحَالٍ غَيْرِ مَا وَصَفْت مِنْ النِّكَاحِ الَّذِي لاَ نَمْلِكُهُ فِيهِ أَمْرَهَا عَلَى الْأَبَدِ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ نِكَاحًا جَائِزًا وَإِنْ كَانُوا يَنْكِحُونَ أُجَوِّزُ مِنْهُ ثُمَّ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُمَا فِي الْعِدَّةِ ثَبَتَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً غَلَبَ عَلَى امْرَأَةٍ بِأَيِّ غَلَبَةٍ كَانَتْ أَوْ طَاوَعَتْهُ فَأَصَابَهَا وَأَقَامَ مَعَهَا أَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْ لَمْ تَلِدْ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نِكَاحًا عِنْدَهُمْ ثُمَّ أَسْلَمَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نِكَاحًا عِنْدَهُمْ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَهُمْ وَلاَ مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُصِيبَهَا بَعْدَمَا يُسْلِمُ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةٍ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا لِأَنِّي لاَ أَقْضِي لَهَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَائِتٍ فِي الشِّرْكِ لَمْ يَلْزَمْهُ إيَّاهُ نِكَاحُهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ أَوْ عِنْدَهُ إذَا لَمْ يَكُونَا مُعَاهِدَيْنِ يَجْرِي عَلَيْهِمَا الْحُكْمُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا نَكَحَ مُشْرِكَةً وَهُوَ مُشْرِكٌ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَنَكَحَ مُشْرِكَةً وَثَنِيَّةً أَوْ مُشْرِكًا فَنَكَحَ مُسْلِمَةً فَأَصَابَهَا ثُمَّ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُمَا فِي الْعِدَّةِ فَالنِّكَاحُ يَنْفَسِخُ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُحَرَّمٌ بِاخْتِلاَفِ الدِّينَيْنِ وَلاَ يَثْبُتُ إلَّا بِنِكَاحٍ مُسْتَقْبِلٍ‏.‏ وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا فِي الشِّرْكِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا لَمْ يَلْزَمْهَا الطَّلاَقُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَامْرَأَتُهُ كَافِرَةٌ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلاَمِ قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ امْرَأَتُهُ فَإِنْ أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَعَادَ إلَى الْإِسْلاَمِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا حَتَّى يَكُونَا فِي الْعِدَّةِ مُسْلِمَيْنِ مَعًا فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ‏.‏

وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَقَدْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَمَضَتْ عِدَّتُهَا وَهُوَ عَلَى رِدَّتِهِ انْفَسَخَ وَلَوْ عَادَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إلَى الْإِسْلاَمِ فَقَدْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَنْكِحُ مَنْ شَاءَتْ وَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ أَسْلَمَ وَهَكَذَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةَ أَوْ لاَ فَارْتَدَّتْ لاَ يَخْتَلِفَانِ وَسَوَاءٌ أَقَامَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا فِي دَارِ الْإِسْلاَمِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الشِّرْكِ أَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلاَمُ أَوْ لَمْ يُعْرَضْ إذَا أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ عَنْ الْإِسْلاَمِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمَرْأَةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ، قَالَ وَتُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ الْمُرْتَدَّةُ عَلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي كُلِّ مَا أَمْكَنَ مِثْلُهُ كَمَا تُصَدَّقُ الْمُسْلِمَةُ عَلَيْهَا فِي كُلِّ مَا أَمْكَنَ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ أَوْ الزَّوْجَ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ لَمْ يُصِبْهَا فَارْتَدَّ أَوْ ارْتَدَّتْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بِرِدَّةِ أَيُّهُمَا كَانَ لِأَنَّهُ لاَ عِدَّةَ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدَّ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِأَنَّ فَسَادَ النِّكَاحِ كَانَ مِنْ قِبَلِهِ، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ فَلاَ صَدَاقَ لَهَا لِأَنَّ فَسَادَ النِّكَاحِ كَانَ مِنْ قِبَلِهَا وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلُّ زَوْجَيْنِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَرِدَّةُ السَّكْرَانِ مِنْ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ الْمُسْكِرِ فِي فَسْخِ نِكَاحِ امْرَأَتِهِ كَرِدَّةِ الْمُصْحِي وَرِدَّةِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْكِرِ لاَ تَفْسَخُ نِكَاحًا‏.‏